لعل أكثر ما أثار دهشة المتتبعين لبطولة العالم لألعاب القوى التي احتضنتها العاصمة الألمانية برلين صيف هذا العام هو الأداء الأسطوري الذي قدمه العداء الجامايكي أوساين بولت والذي أكد من خلاله أنه لا يحضر الملتقيات الدولية فقط من أجل مداعبة الجماهير بحركاته البهلوانية بل أيضا لتحطيم أرقام لم تعهدها البشرية من قبل بل ولم يتوقع الخبراء أن يتم تحطيمها في هذا الوقت بالذات. ولا شك أن هذا الشاب الجامايكي البالغ من العمر 23 سنة قد وضع مقياسا جديدا لسرعة الإنسان بفضل أرقامه القياسية التي أجمع الخبراء أنها لن تحطم إلا في أفق عام 2050، فبعدما تمكن هذا الرجل القوي من تحطيم الرقم القياسي العالمي لسباق 100 متر في أولمبياد بكين بقطعه لهذه المسافة في ظرف 9.69 ثوان، عاد في بطولة العالم الأخيرة بقوة مضافة و استطاع قطع نفس المسافة في ظرف 9.58 ثوان، كما تمكن خلال نفس البطولة من أن يحقق رقما قياسيا جديدا في مسافة 200 متر وهو 19.19ثانية.. و بولت بالمناسبة هو أول عداء ينجح في تحقيق رقمين قياسيين عالميين في مسافتي 100 و 200 متر بعد العداء الأمريكيي الكبير جيس وينز الذي حقق نفس الإنجاز سنة 1936. أسرار سرعة أوساين بولت كما هو الشأن بالنسبة لعامة الناس يرى العلماء والباحثون أيضا في العداء الجامايكي ظاهرة جديدة و فريدة من نوعها في مجال ألعاب القوى، وهذا ما جعلهم يبحثون على الأسرار الكامنة وراء السرعة المبهرة التي يركض بها بولت، فبعدما قاموا بتحليل سباقاته وقارنوها مع حاملي الأرقام القياسية السابقين، وجدوا أن بولت هو أسرع عداء على الإطلاق في المسافة ا بين 50 و 80 متر، ولم يتمكن أي عداء في التاريخ من تحقيق سرعته في هذه المسافة. علاوة على ذلك فبولت يستطيع دائما الحفاظ عل سرعته حتى خط النهاية. كما قام الباحثون بتحليل خطوات بولت، حيث لاحظوا بأنه يركض بخطوات طويلة وهذا ما يجعله دائما يصل إلى خط النهاية بأقل الخطوات من منافسيه. . وإذا كانت هذه هي تفسيرات الخبراء فبولت شخصيا يفسر نجاحه وتألقه الكبير بالتداريب المكثفة و عمله بجدية و إيمانه القوي بتحقيق ما يقال عنه أنه مستحيل..