" كسر 300 طباخ لبناني و50 مشرفاً برئاسة رمزي الشويري الرقم القياسي لأكبر صحن حمص (4090 كلغ) الذي سجلته اسرائيل، وأنجزوا صحن حمص لبناني وزنه 10452 كلغ سيدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية". هذا هو فحوى ومضمون الخبر الذي نُشر في صحيفة المستقبل اللبنانية الأحد 9-5-2010 ، وتناقلته، بفخر وهمي وشرف أجوف، وسائل الاعلام العربية عموما واللبنانية خصوصا باشكالها المرئية والمسموعة والمقروءة، وسط حماسة مشبوبة بغبطة انتصار مزعوم وفرح وهمي على إسرائيل التي يبدو أنها لم تترك للعرب ولم تبق لهم حتى الاكلات، ومنها أكلة الحمص التي تدعي إسرائيل، كما تستنكر عليها ذلك وسائل الاعلام اللبنانية، ان الاكلة تنتمي الى المطبخ الوطني الخاص بها . ولكي ترد لبنان على تخرصات اسرائيل وادعاءاتها في هذا الصدد، فقد قامت بعمل هذا الصحن الكبير مستعيدة بذلك " لقب صانع أكبر صحن حمص في العالم يوم السبت الماضي" على حد تعبير الخبر الذي تطاير ك "الذباب " في وسائل الاعلام، معززا بتصريح رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين السيد فادي عبود، الذي كان يدافع به عن حق لبنان في " ملكية الحمّص والتبولة ". فالسيد فادي عضّد رأيه الدفاعي هذا بحجج تاريخية، حينما أوضح أن " لبنان بدأ بتصنيع الحمص بشكله الحالي في العام 1959 من قبل شركة قرطاس، كما أن خلط الخضار بالبرغل هو من التراث اللبناني الذي يعود إلى القرن الثاني عشر ، ونحن بصدد جمع الوثائق التي تثبت أنها اختراعات لبنانية". وقبل ان ينتهي استغرابنا وتعجبنا مما حصل، وبعد يوم واحد فقط من هذه المهزلة الكرتونية المضمخة بالأسى والمنقعة بالحزن على ما وصل إليه حالنا، أقدم أيضا مجموعة من الطباخين اللبنانيين يوم الاحد، وبعد يوم واحد من انتصارهم التاريخي! ، على انتاج " خمسة أطنان من أكلة أخرى مفضلة في المنطقة وهي الفلافل"، وقد قال المنظمون أمام ممثل موسوعة جينيس الذي جاء لتسجيل الانجاز" إنها المرة الأولى التي يحاول فيها أي بلد تحقيق مثل هذا الرقم القياسي بقلي كل هذه الكمية من الفلافل." كما كتبت ذلك جريدة ديلي ستار اللبنانية . المراقبون المختصون، بالفلافل والحمص وربما الفول والطعمية، أشاروا الى وجود تشابك إرادات يقف وراء الجولة الثانية والاولى من" صراع لبنان المتواصل مع إسرائيل حول نشأة هاتين الأكلتين"، حيث كل منهما يحاول ان يستحوذ علىهذه الميزة ولكن مع وجود فرق ان اسرائيل تبحث عن ذلك بعد ان تطورت عسكريا وعلميا وحضاريا، بينما لبنان تبحث عن هذا اللقب وهي خالية الوفاض من اي تطور حضاري أو منجز علمي أو اكتشاف جديد يمكن أن يكون معيارا حقيقيا للفخر والتباهي والدخول في مسابقات حوله . الافتخار والتباهي الحقيقي يجب ان ياخذ منحينات ومسارات عدة تنطلق من مجالات العلم وساحات التكنولوجيا والاختراعات والاكتشافات الحديثة، وتمر في فضاءات الأدب والفكر والفلسفة وتطور الجامعات والمعاهد ومراكز البحوث العلمية ومستوى بلادنا الصحي ورصانة الاقتصاد واستقراره وانخفاض معدلات الفقر والجهل، وفي معايير نقاء المجتمع النسبي ومدى نظافته وعدم تلوثه بشتى انواع الفساد الاخلاقي والمالي والاداري وانخفاض معدل الجريمة وتطبيق القانون واحترام حقوق الانسان ، فضلا عن اشاعة روح التسامح والتعاون والتداول السلمي للسلطة . انها معايير التباهي التي تختلط فيها السياسة بالعلم، ويرتهن فيها الاقتصاد بالاجتماع، ويلتصق في تلابيبها التكنولوجيا بالصحة وهي، في رأيي، مبعث الفخر الحقيقي الواقعي الذي من الممكن ان يحصد ثمرته الاجيال اللاحقة لا ان نفتخر، بوقاحة وقلة حياء، بصنع اكبر صحن من الفلافل والحمص ونفرح به كالاطفال الذين لم يرتق مستوى وعيهم الى الدرجة التي يميزون فيها بين شهوة انجاز وهمي زائل واخر حقيقي خالد يجعلنا في مصاف الامم والحضارات الاخرى التي سبقتنا بعشرات السنين . مهند حبيب السماوي a tar***"_blank" href="mailto:[email protected]"[email protected]