وهو في السبعين من عمره لم يدرك العاشق الأسطوري كازانوفا أن كتابة مذكراته ستغزو العالم لتصير مذهبا فريدا يتشبث به الكثير من الشباب المغاربة اليوم. مستفيدين من مغامراته ومهاراته في إيقاع الكثير من النساء في كل مكان وزمان. وإذا كان كازانوفا في رحلاته المتعددة وتنقله بين العواصم الأوربية قد ترك بصمات العشق في كل قصر من قصورها فإن الشباب المغربي لفقر جيبه يمارس شعائر مذهبه هذا في كل درب وفي كل حي وفي كل مدينة أتيحت له فرصة زيارتها منتشيا بإيمانه العميق وتشبثه بتقليد قدوته الإيطالي الذي مات ولم تمت قصصه الغرامية الشقية التي تثير شهية الكثير من الشباب الذين يرون في الزواج تقييدا وتكاليف لا طاقة لهم بها. لماذا يستميل مذهب كازانوفا الرجال؟ في الوقت الذي يرى فيه البعض أن الرجل بحاجة إلى الاستقرار مع امرأة واحدة كمنبع للسعادة، فإن الكثير من الرجال يرون في ذلك كلاما كاذبا يخالف حقيقة عشق الرجل للتنوع في علاقاته بالمرأة وكذا ملله من المرأة الواحدة. لذلك فإن مذهب كازانوفا لا يقتصر على العزاب فقط بل يشمل الرجال من مختلف الأعمار ومن مختلف شرائح المجتمع. ويرى أسعد البالغ 31 من عمره "أن الرجال كلهم يعتنقون هذا المذهب وأن الفرق بينهم فقط هو أن منهم من يفضح أمره ولا يبالي وهناك من يكتم علاقاته ويسترها. كما أن هناك من يحاول أن يغطي على ميولاته الكازانوفاوية بغطاء شرعي وينوع في علاقاته بالنساء في الحلال من خلال حقه في التعدد والطلاق. فيما لا يجد آخرون بدا من ذلك ويعددون في علاقاتهم بدون حرج". النت مرتعا خصبا للعلاقات الغرامية لم يعد مطلوبا من شباب اليوم التنقل بين العواصم والمدن وبين المنازل للحصول على علاقات غرامية تشبع نهمهم. فغرف الدردشة في النت توفر لهم ربط العلاقات مع الجنس الآخر من مختلف البلدان بسهولة بالغة. وتبدأ هذه العلاقات غالبا بالتعارف والتعبير عن الإعجاب المتبادل لتنتهي بعلاقات غرامية معظمها تكون مزيفة وتنتهي بالفشل واكتشاف الأكاذيب المفبركة من أحدهم أو كلاهما.ومن العلاقات ما يتوطد ليصبح واقعا معاشا قد يؤول إلى الزواج كما حصل مع البعض أو إلى الفشل كما حدث مع معظمهم. ويحدثنا ياسين 24 سنة عن ولعه بغرف الدردشة قائلا:" أحب استخدام الأسماء المستعارة في الدردشة وأعمد إلى الكذب فيما يخص معلوماتي ومشاعري حتى أتمكن من اصطياد الفريسة. وأجد متعتي في قضاء أوقات جميلة مع فتيات من مختلف الأعمار والجنسيات دون أن أكلف نفسي عناء السفر. " وعن البعد الذي قد تأخذه هذه العلاقات يضيف ياسين:" العلاقة غالبا ما تصل بيننا إلى تبادل الصور والكلام المثير للغريزة لنشبع حاجياتنا كشباب يعاني من الفراغ ومحروم من الزواج بسبب التكاليف الغالية وقلة فرص الشغل. وقد تصل العلاقات مع فتيات بلدي إلى لقاءات حميمية نستجيب فيها لعواطفنا وأهوائنا" غير أن الأمر لا يقتصر على العزاب فقط بل المتزوجين أيضا. وهنا يحدثنا عبد القدوس أستاذ جامعي، متزوج وله 3 أبناء، عن هوايته المفضلة وحبه لكل النساء ورغبته في تجديد علاقاته بالمرأة. " أنا دائما أحب أن تربطني علاقات متعددة ومتجددة مع نساء مختلفات. وبعد زواجي لم أتمكن من التخلص من هذه العادة. فأنا مولع بالجمال والأنوثة وكلما رأيت فتاة إلا واشتهيتها فيعز علي أن أقمع أهوائي ومالي يكفيني لإسعادها". المرأة ليست استثناء لم يعد هذا المذهب يقتصر على الرجال فقط، بل إن للنساء نصيب وافر أيضا من اعتناق مذهب كازانوفا. حيث أصبحت الكثير من المغربيات يفضلن العلاقات المتعددة مع الرجل بغية الوصول لهدف الزواج مع أحدهم ظنا منهن أن معظمهم يكذب وربما من بين هؤلاء من قد يكون رجلا صادقا. كما يعتقدن أن كثرة العلاقات توفر لهن التجربة التي تمكنهن من معرفة أنواع الرجال ورغباتهم. غير أن هناك أخريات اعتنقن المذهب من بابه الواسع وأصبح بيع الجسد لديهن مهنة يتمعشن منها . وتصف ليلى علاقاتها بالرجال بالناجحة. حيث تعتقد ليلى أن ربط علاقات مع أكثر من رجل بهدف الزواج هو أمر ضروري جدا في الوقت الحاضر لاختيار شريك حياتها من خلال تعرفها عليه أكثر وعلى طباعه وأذواقه حتى لا تخدع فيه. كما أن رجال اليوم يرفضون الزواج من امرأة لا يعرفونها جيدا ولم يتواصلوا معها عن قرب. وتحكي ليلى أنها ربطت علاقات كثيرة بالرجال انتهت أخيرا بالزواج من أحدهم وهي الآن تعيش حياة هادئة ومستقرة. غير أنلمليكة ظروف أخرى جعلتها تنوع في علاقاتها بالرجال في آن واحد وتخرج مع أكثر من رجل في كل يوم. ففقرها المدقع وعشقها لامتلاك ملابس وأشياء جميلة تمتلكها الفتيات المحظوظات يدفعانها لبيع جسدها من خلال هذه العلاقات في غياب من يحاسبها على ذلك لأن والديها وإخوتها لا يهمهم مصدر الأموال بقدر ما يهمهم تلبية طلباتهم المعيشية ولو كان على حساب شرفهم.