لماذا نكتب؟ طالما تم طرح هذا السؤال، وأنتج أجوبة بعيدة في التجريد والمثالية، وليس هناك من خطر وهلاك من التجريد والمثالية والنزعة الإنسانية، لأنها تنتج الطمأنينة والغرور والتمركز على الذات والمعنى الواحد .. في حين أن هذا السؤال يجب ربطه بسياقه وشروطه الفاعلة في الكاتب، لكي يكون على هذه الشاكلة: لماذا نكتب في المغرب؟ هل لكي ننفق على إصدارات لا يقرأها أحد ولو همسا وإشارة بما فيهم أصدقاء الكتابة أنفسهم؟ هل لكي نحبل بديوان أورواية أومجموعة قصصية وننفق عليهم من الوقت والأعصاب والمال أضعاف ما أنفقناه فبي الكتابة بحثا عن طابع وناشر؟ لماذا نكتب تحت وطأة العطالة والعوز المادي والأمية؟ هل لكي نجابه بالنسيان والتنكر من الأقارب قبل الأباعد ؟هل لكي نكون رقما في معادلة القطيع؟ هل لكي نكون جمهورا ورعية لمن نصبوا أنفسهم أوصياء على الكتابة ولكي نكون أبناء بررة لآباء عاقين؟ هل لكي نساهم بالتصفيق والمباركة في التوزيع غير العادل والمجحف لثروة الكتابة المادية والمعنوية؟ هل لكي نتوازن نفسيا حتى لا نسقط في هوة الجنون؟ ما معنى شاعر يموت في ريعان الكتابة دون أن نكرم نصوصه بالجمع والنشر؟ ما معنى شاعر يموت في ريعان الكتابة فنهرع إلى تكريمه وتأبينه وكأننا نبارك الموت الذي غيبه ونحتفل بالنسيان الذي أحطناه به في حياته، أوربما هو شكل من الالتواء على تأنيب الضمير؟ ما قيمة الحب كل الحب أمام جثة، وماذا تستطيع حرارة الحب أمام برودة القبر؟ شخصيا لا أسطيع والحالة هذه سوى الألم والصمت وقبلهما الخجل، والغريب في الأمر أن المتنكرين والجاحدين هم أول من يبادر إلى البكاء وإلى الاحتفاء بالغياب وتكريم الموتى رغم أن إكرام الميت هو دفنه هل الكتابة وقف على المترفين السلاطين؟ رغم أنهم لم ينتجوا لنا سوى الخواء .. أساتذة جامعيون يحظون بسعة في الوقت والراتب فلا تعثر لهم ولو على مقالة واحدة في حين أن أساتذة الأسلاك الأقل هم من يديرون عجلة الكتابة والإنتاج الفكري رغم شح الوقت والراتب..فلماذا لا يراقب الأساتذة الجامعيون في مدى التزامهم بالحضور لحصصهم وفي مردوديتهم التعليمية وقبلهما في إنتاجهم الفكري،فأغلبهم نسى كل ما يمت بصلة للبحث العلمي واتجهوا إلى الاستثمار في مجال المال والعقار، ولماذا لا يمنح أساتذة الأسلاك الأخرى التفرغ لاستكمال أعمالهم الفكرية والإبداعية أو إنجاز أطاريحهم الجامعية؟ لماذا نكتب في المغرب؟ هل لكي نحمل أمراضا تكلف المال ثم الحياة؟ بهذا الكلام لا أستجدي عاطفة بئيسة من قبيل الشفقة، بل هو دعوة للتفكير والثورة على هذا الألم الذي نستوطن دائرته بشكل مزمن..