هو مظفر النواب ، عراقي ، و لد في بغداد سنة1934 م . شاعر تعرفه الكلمات بصدقه. قصائده أشبه ما تكون بجيوش عسكرية مسلحة بالحرف و الكلمة، بسببها جرب المنفى و الإعتقال و العذاب مرات و مرات عديدة في جملة من جغرافيا القمع العربي ! لا يكتب شعرا بقدم ما يكتب دما، أو لنقل إن كلماته سهام يرمي بها إلى صدورنا و ضمائرنا علها تصحو.. أما حروفه فهي خناجر تذبح سامعيها، و نبرات صوته دفء و حزن و ألم عربي .. من المحيط إلى الخليج . لا يمكن أن تقرأ أو تستمع إلى قصيدة لمظفر النواب و تبقى هادئا ... لا بد و أن يحدث شيء ما في الوعي أو اللاوعي .. شيء ما لا بد و أن يتحرك بداخلك لتكتشف أنك في حضرة شاعر من فصيلة أخرى تنتمي إلى كل ما هو خارج بلاط شعر السلطان ، و خارج الأقنعة المزيفة و خارج الوهم أيضا !. أليس شعره أكثر سخرية و لغتهأكثر صراحة و واقعية حين يقول : وطني انقذني رائحة الجوع البشري مخيفة وطني انقذني من مدن سرقت فرحي انقذني من مدن يصبح فيها الناس مداخن للخوف وللزبل مخيفة من مدن ترقد في الماء الأسن كالجاموس الوطني وتجتر الجيفة انقذني كضريح نبي مسروق (...) يا وطني المعروض كنجمة صبح في السوق في العلب الليلية يبكون عليك ويستكمل بعض الثوار رجولتهم ويهزون على الطبلة والبوق ( من قصيدته " و تريات ليلية " ) تقرأ شعره فتجده مسكون بالغربة و الضياع و الحزن ، تجد ذاتا لم تعرف الإستقرار، و هذا طبيعي جدا بالنسبة لرجل جرب المنفى و السفر من عواصم و دول عربية و عجمية إلى أخرى ، ك( دمشق، القاهرة، السودان، ليبيا، سوريا، أريتيريا ، لندن، عمان، البرازيل، التشيلي، الجزائر.. ) .. لا يطلب منك أن تكون عالما عارفا بالشعر و تاريخه ، فصيحا في اللغة ، سباحا ماهرا في بحوره لتقرأ شعر مظفر النواب و تسكن معه قضايا الوطن العربي و الإنسانية . فالبساطة تسكن إبداعاته منذ أولى قصائده، و في البساطة جمال و روعةشاعر ملتزم بقضايا أمته ... إنها بساطة العظماء ! بالخمر و بالحزن فؤاده ، صراحته قاسية حد الذبح ، بذيئة ... و في هذا اعترافه و جوابه : أعترف الآن أمام الصحراء بأني مبتذل وبذيء كهزيمتكم يا شرفاء مهزومين ويا حكاماً مهزومين ويا جمهوراً مهزوماً ما أوسخنا.. ما أوسخنا.. ما أوسخنا.. ونكابر ما أوسخنا ( من قصيدته " يا قاتلتي " ) في رثاء الشهيد ناجي العلي قال النواب : قتلوك لأنك تسكنهم ونشرت غسيلا يخبئه بعضهم خلف بعض فصاح من العفن المستميت الغسيل . و تبقى القصيدة التي اشتهر بها مظفر النواب عند العدو و الصديق، قصيدته " القدس عروس عروبتكم " يصرخ في مطلعها : من باع فلسطين وأثرى بالله سوى قائمة الشحاذين على عتبات الحكام ومائدة الدول الكبرى ؟ فإذا أجن الليل تطق الأكواب بان القدس عروس عروبتنا أهلا أهلا أهلا من باع فلسطين سوى الثوار الكتبة ؟ أقسمت بأعناق أباريق الخمر وما في الكأس من السم وهذا الثوري المتخم بالصدف البحري ببيروت تكرش حتى عاد بلا رقبة أقسمت بتاريخ الجوع ويوم السغبة لن يبقى عربي واحد إن بقيت حالتنا هذي الحالة ( ...) و بخلاف ما يعتقد البعض، أن مظفرا قد مات، لا . بل لازال على قيد الحياة ، يعيش في العاصمة السورية دمشق، منعزلا عن المجتمع و عن كل انشطته الثقافية و الإجتماعية . و آخر الأخبار تشير إلى معاناته مع أمراض كثيرة طالت جسده، و المشكلة الصحية الأبرز هي أنه يبحث عن علاج لعينيه حتى يستطيع القراءة و الكتابة. و تشير مصادر صحفيةأن حكومة المالكي في بغداد تقدمت قبل فترة بعرض خاص وصل إلى الشاعر النواب بتأمين طائرة خاصة له كي يعود إلى العراق أو يزوره متى شاء لكن الشاعر رفض العرض ، فهو لن يزور عراقه و الأمريكان يضربونها بأرجلهم ! كل متمنياتنالك بالشفاء العاجل شاعرنامظفر النواب . مقطع من قصيدته " الحزن جميل جدا "