وجه المغرب، اليوم الأربعاء بمراكش، نداء إلى البلدان الإفريقية لتوحيد صف الجماعات والحكومات المحلية الإفريقية لمواجهة تحديات الأزمة الاقتصادية العالمية. وقال السيد شكيب بنموسى وزير الداخلية، خلال افتتاح أشغال الدورة الخامسة للملتقى الإفريقي للجماعات والحكومات المحلية (16 إلى 20 دجنبر الجاري)، "إن المغرب يوجه نداء إلى كافة إخوانه بالقارة الإفريقية للعمل على اتخاذ كل مبادرة من شأنها توحيد صف الجماعات والحكومات المحلية الإفريقية حتى تواجه قارتنا كل التحديات الناتجة عن الأزمة الاقتصادية العالمية".
وأبرز السيد بنموسى أن انعقاد هذا اللقاء حول موضوع القارة الإفريقية في مواجهة الأزمة العالمية من أجل التنمية المحلية المستدامة، "يعبر عن مدى اهتمام بلداننا بالقضايا الدولية المشتركة وانشغالها بالتحديات والإكراهات الراهنة في ظرفية عالمية تطبعها التحولات العميقة والرهانات الصعبة".
وبعد أن ذكر بالانعكاسات السلبية للأزمة المالية والاقتصادية العالمية الحالية على اقتصاديات الكثير من الدول، أشار وزير الداخلية إلى أن الجماعات المحلية تعد، بحكم تداخل مختلف البرامج التنموية التي تقام على ترابها، أكبر متضرر من هذه الأزمة.
وأوضح، في هذا الصدد، أن هذه الأزمة قد تنال من طموحات الجماعات المحلية بالبلدان الإفريقية في تطوير خدماتها التي تقدمها لساكنتها خصوصا أنها " تعاني في أغلب الأحيان من ضعف الموارد المالية والبشرية ومحدودية التجهيزات الأساسية والبنيات التحتية"، داعيا إلى تضافر جهود الفاعلين الأساسيين من أجل دعم سبل التعاون والتضامن بين الجماعات والحكومات المحلية بالقارة الإفريقية.
من جهة أخرى، أكد الوزير أن هذا اللقاء يعد "مناسبة فريدة لإبراز دور القارة الإفريقية كفاعل أساسي في عالم متعدد الأقطاب"، مضيفا "نحن واثقون أن منظمة المدن والحكومات الإفريقية المتحدة تشكل أداة أساسية من اللازم دعمها وتقويتها بكل ما يمكننا تعبئته من إمكانيات".
كما أكد أن هذا الحدث الدولي "فرصة سانحة لتقديم الأجوبة الشافية المنطلقة من واقعنا الإفريقي، على التساؤلات والإكراهات التي تشغل بال الحكومات والمنتخبين، بشأن كيفية مواجهة هذه الأزمة الكونية".
وبعد أن أبرز أن التعاون شمال-جنوب ساهم في الماضي إلى حد كبير في دعم برامج التنمية بكافة البلدان الإفريقية مستندا في ذلك على رصيد الصداقة والتعاون التي تربط بلدان القارة منذ عقود بدول الشمال، أكد على ضرورة الحفاظ على هذا الرصيد واعتماد مقاربة جديدة تستوجب التوجه نحو التعاون جنوب-جنوب.
وأوضح أن هذه المقاربة، التي تقتضي تضافر جهود استثنائية لإحداث آليات فعالة تروم تبادل الخبرات والتجارب في ميادين عديدة، تهم على الخصوص تحفيز الاستثمار المحلي، وتوفير فرص الشغل، والمحافظة على البيئة، وتقديم خدمات جيدة للساكنة، والتقليص من الفوارق الاجتماعية، والفقر والتهميش والإقصاء، والإكثار من المشاريع المدرة للدخل.
من جانب آخر، أكد وزير الداخلية أنه، إدراكا لأهمية الرهانات المطروحة، بادرت المملكة المغربية إلى فتح عدة أوراش ضخمة لعصرنة الاقتصاد الوطني تروم تحقيق الاندماج في فضاءات التبادل الحر، وخلق الثروات وفرص الشغل، وإرساء مبادئ مقاربة النوع الاجتماعي التشاركي، وكذا تأمين الموارد الضرورية لتدارك العجز المسجل على المستوى الاجتماعي.
كما عملت، يضيف الوزير، على سلك سياسة محلية مواكبة للجماعات المحلية من أجل تحقيق تنميتها عن طريق تعبئة مواردها المالية والبشرية، واعتماد برامج قطاعية متعددة لتعزيز بنياتها التحتية، وتدعيم إمكانياتها وقدراتها حتى تستجيب للمتطلبات المتنامية لساكنتها.
وقال "إن الجماعات المحلية بالمغرب عرفت إصلاحات كبرى خلال هذه السنة تهدف، بالأساس، إلى ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة في مجال تدبير الشأن المحلي"، مضيفا أن "المقاربة المعتمدة في هذا الإصلاح تهدف، بالأساس، إلى الرفع من قدرات الجماعات المحلية من أجل تدبير ناجع للمرافق العمومية المحلية وتقديم خدمات أفضل للسكان".
وأكد أن الجماعات المحلية المغربية، بغض النظر عن قدراتها ومؤهلاتها المالية والآليات الموضوعة رهن إشارتها، قادرة على تقديم الحلول الناجعة لخلق فرص الشغل على المستوى المحلي والحد من التداعيات المحلية للأزمة العالمية.
وفي هذا السياق، أكد السيد بنموسى أنه، وعيا بالأهمية التي يكتسيها التوازن الجيد للبنية الحضرية بالنسبة لتنشيط الدورة الاقتصادية وخلق فضاءات محلية قوامها التماسك الاجتماعي، انخرط المغرب في مسلسل تطوير البنيات الأساسية الكبرى باعتبارها إحدى الدعامات الرئيسية لإعداد التراب، فضلا عن إنجاز برامج لإعادة هيكلة مدنه وتأهيلها متوخيا من هذه البرامج إعادة الاعتبار لفضاء المدينة ومواكبة التحولات الهامة التي تعرفها كبريات الحواضر.
وأوضح أن أساليب المدن الكبرى تحسنت بفضل الرجوع إلى نظام وحدة المدينة الذي يسمح بتنظيم شمولي ومحكم للتنمية المجالية ويساعد على توفير ميزانيات محلية هامة وخلق شروط التدبير الجيد التي يتيحها حجم العمليات المبرمجة.
وقد شملت هذه الدينامية، يضيف السيد بنموسى، المجال القروي الذي استفاد بدوره من برامج هامة للتنمية المندمجة ومن تدخلات كبرى لتحسين عيش ساكنته تهم تعميم التزود بالماء الصالح للشرب والكهرباء وفتح الطرق والمسالك لفك العزلة.
وأبرز، في هذا الإطار، حرص المغرب على تعزيز دور الجماعات المحلية على مختلف أنواعها ومستوياتها بإطلاق برنامج مندمج ومهيكل يضمن لها آفاقا جديدة للعمل وللمبادرات التنموية خدمة لساكنتها في أفق سنة 2015، باعتباره يسعى الى جعلها تسير من طرف منتخبين محليين يتوفرون على تصورات استراتيجية وعلى إدارة محلية فعالة وموارد بشرية مؤهلة ومحفزة كفيلة بضمان استقلاليتها الإدارية والمالية.