أجمعت شخصيات وطنية، من مشارب متعددة، على اعتبار رحيل الأستاذ المهدي بنونة، الذي لبى نداء ربه اليوم الثلاثاء بالرباط عن عمر يناهز 92 سنة، خسارة لأحد رموز العمل الوطني والإنساني باعتباره شكل على مدى عقود نبعا لا ينضب للعطاء بدون حدود وللتفاني في خدمة الصالح العام على أكثر من واجهة. ونوهت هذه الشخصيات، التي شاركت في تشييع جنازة الراحل إلى مثواه الأخير بمقبرة سيدي المنظري بمدينة تطوان بعد عصر اليوم، بخصال المهدي بنونة ومساهمته الحية في دعم الحركة الوطنية والدفاع عن قضايا المغرب على المستوى الدولي، وكذا عمله الإنساني النبيل. فبعبارات تخنقها الدموع ويغالبها التأثر، أعرب أخ الفقيد أبو بكر بنونة عن شكره وامتنانه لصاحب الجلالة الملك محمد السادس عن عميق تعازي جلالته وصادق مواساته في هذا المصاب الجلل. من جانبه، أعرب أمين بنونة النجل الأصغر للفقيد عن أسفه لفقدان والده، مبرزا أن أسرته ومدينته وبلده رزئوا في هذا الوطني الفذ، إذ أن الراحل كان مرجعا للمنظمات المدنية، ومحركا للعمل الثقافي. وتوقف رئيس جمعية "تطاون أسمير" السيد محمد الطريس عند صفة المهدي بنونة باعتباره أحد رموز الحركة الوطنية وقادتها، إذ دافع عن القضية الوطنية في المنتظمات الدولية، مبرزا أنه بالرغم من التجربة الغنية للراحل وكفاحه في سبيل الوطن والحرية، ظل متواضعا يقدم يد العون للشباب ويكرس نفسه للعمل الإنساني. وعن الجانب الإنساني في مسيرة المهدي بنونة، تحدث المنسق الوطني لبرامج الهلال الأحمر المغربي السيد محمد السعلي عن تجربة الراحل في تطوير عمل الاتحاد الدولي لمنظمات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، مشددا على أن الفضل يرجع للفقيد، المتفاني في تضحياته والتزاماته، في تطوير عمل الهلال الأحمر المغربي حينما كان رئيسا تنفيذيا له. وتطرق رئيس جامعة عبد المالك السعدي مصطفى بنونة إلى المربي والمعلم المهدي بنونة الذي كان من أبرز المحاضرين بالجامعات المغربية والدولية، وخاصة في أمريكا وإسبانيا وأمريكا اللاتينية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الجامعة كرمت الراحل قبل أزيد من أربع سنوات وأطلقت إسمه على أحد مدرجاتها، كما وجهت له الدعوة لإلقاء محاضرات ودروس افتتاحية أمام طلبة الجامعة. كما أشاد المؤرخ المغربي محمد ابن عزوز حكيم، الذي جمعته 65 سنة من الصداقة بالمهدي بنونة، بخصال الراحل الذي نذر حياته للدفاع عن قضايا الوطن بالعالم العربي والأمم المتحدة بنيويورك، دون البحث عن جني منافع خاصة. وعن المسار الإعلامي للراحل، الذي راكم تجربة متميزة في عدد من الجرائد كما أسس وكالة المغرب العربي للأنباء، قال الإعلامي خالد مشبال إن المهدي بنونة كان مدرسة في خدمة الصحافة بالمغرب، ومشعلا للدفاع عن حرية الرأي بالمغرب والوطن العربي. واعتبر الصحافي عبد السلام الأندلوسي، باسم فرع تطوان للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن الجسم الإعلامي المغربي والعربي خسر مرجعا ذا بعد دولي، كانت له نظرة متميزة في الممارسة الإعلامية، مشيرا إلى أن المناسبة سنحت لتستحضر أسرة الصحافة بالمغرب المثل الأخلاقية التي ظل الفقيد يدافع عنها طيلة حياته المهنية. وعن مساهمة المهدي بنونة في إشعاع الحياة الثقافية بمدينة تطوان، اعتبر المدير الجهوي للثقافة بطنجة تطوان المهدي أزواق أن الراحل كان ذاكرة ثقافية وتراثية بمدينة تطوان، وواحدا من الأعمدة التي أسست الحركة الثقافية بالمنطقة، ويعتبر من بين سفراء تراث مدينة تطوان على الصعيدين الوطني والدولي، مشيرا إلى أنه برحيله، تكون تطوان قد فقدت جزءا من ذاكرتها الثقافية. كما أشاد رئيس المجلس العلمي المحلي السيد عبد الغفور الناصر بمناقب الفقيد الذي كان أستاذا ومربيا من بين رجالات الحركة الوطنية، أثبت وجوده على جميع الواجهات وطنية واجتماعية وثقافية وإعلامية، ونذر عمره للتضحية في سبيل الوطن.