أسدل أمس الأحد الستار على فعاليات المهرجان العربي الأول للسماع والمديح التي استمرت من الرابع إلى السابع من الشهر الجاري برحاب قصر مولاي حفيظ بمدينة طنجة حيث كان صدى الإنشاد وشذا الألحان، العنوان البارز في أماسي هذه التظاهرة. على مدى أربعة أيام، استشرفت طنجة برمزيتها التاريخية، ومكانتها الجغرافية الاستثنائية، وإرثها الثقافي والحضاري، ورهاناتها الاقتصادية الكبرى، هذا الموعد الفني المتفرد، بعيون ملؤها الحلم والأمل والإبهار، فجاء إضافة نوعية، ولمسة استثنائية، في مواعيد الأجندة الثقافية المحلية والوطنية لجوهرة البوغاز، ومساهمة في رعاية إرث جماعي للذاكرة المصونة في السجلات والمؤلفات عبر عهود خالية متعاقبة. فإلى جانب شيوخ ورواد فن المديح والسماع بالزوايا المحلية بمدن المنطقة الشمالية، توافدت على مدينة طنجة جموع من الفرق الصوفية الوطنية، وأخرى من ربوع الوطن العربي فأدفأت القلوب برنين الذكر والسماع، مفصحين عن ريادة المغرب في إحياء هذه الذكرى الجليلة، وإعطاء طنجة هويتها التي تصلها بالماضي القريب في عدوة بلاد الأندلس. ومن بين الأسماء التي صدح صوتها في أماسي "مولديات طنجة 2010" سيدي عبد اللطيف بنمصور، والحاج محمد باجدوب، ومحمد لعروسي، وسعد التمسماني، ومولاي التهامي الحراق، وسعيد بلقاضي، وللا رحوم البقالي من المغرب، ومن بلاد الشام الشيخ عمر السرميني، ومن قاهرة المعز وأرض الكنانة محمد ثروت وسعيد حفيظ ، إضافة إلى مجموعات الزاويا الصديقية والشقورية والوزانية والكتانية والقادرية والبقالية. واحتفى المهرجان، الذي نظم تزامنا مع اليوم السابع لميلاد خاتم الأنبياء والرسل عليه الصلاة والسلام، بمجموعة من الأسماء تكريما وتقديرا لها بجميل النبوغ، ووفير العطاء إنشادا وعزفا ونظما، ومنها عميد الحفاظ سيدي عبد اللطيف بنمنصور، وعازف الكمان البارع محمد البراق، والناظم المحلي الأشهر مصطفى التسولي، كما كان المهرجان مناسبة للنساء، اللواتي يحتفلن بعيدهن اليوم، للإدلاء بدلوهن في هذا المجال، من خلال للارحوم البقالية ومجموعتها، اللواتي أبن عن علو كعبهن في الحضرة والسماع والمديح. وتضمن برنامج هذه المولديات التي شكلت، نوستالجيا الساكنة المحلية، لعطر ماضيها، واعتراف صريح برهانات، وخيارات مستقبلها، واستجابة جلية لقيم هي من صميم هويتها المنصهرة في رحابة إنسانية كونية، ندوة فكرية تمحورت حول تاريخ المولديات، وأدب وشعر هذا النوع الصوفي ثم موسيقى المولديات، دعي للإسهام فيها نخبة من المفكرين والمبدعين. وكان موكب الهدية، الذي نظم هذه السنة في إطار فعاليات المهرجان العربي الأول للسماع والمديح، والذي توج الاحتفالات بموسم الولي الصالح بوعراقية على مدى أسبوع بكامله. وقد انطلق الموكب من ساحة الأمم مرورا بالشوارع الرئيسية لجوهرة البوغاز تحفه ألوان من الفلكلور الموسيقي المحلي، لحظة فريدة لارتباطه بذاكرة طنجة فهو تقدير من أهاليها للدور الجهادي الذي قام به الشريف سيدي محمد الحاج بوعراقية ضمن جيش المجاهدين الذين حرروا طنجة من الاحتلال الأجنبي على عهد السلطان مولاي إسماعيل. وفتحت طيلة أيام المهرجان معارض للصناعة التقليدية والتشكيل والأزياء التقليدية، أبوابها في وجه الجمهور الذي اكتشف إبداعات ومهارات حرفيين قدموا من مدن طنجة والرباط وسلا، كما تعرف الجمهور، ما بين صلاتي العصر والمغرب من أيام هذه التظاهرة، على باقة من المديح والسماع من مجموعات الزاوية الصديقية بطنجة والزاوية الشقورية بالشاون والزاوية الوزانية بوزان.