أكدت ندوة دولية حول موضوع العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، تحتضنها حاليا مدينة إشبيلية بمبادرة من مؤسسة الثقافات الثلاث في البحر الأبيض المتوسط، أن العلاقات بين المملكة والاتحاد الأوروبي، التي شهدت تطورا متواصلا خلال مختلف الفترات، تميزت بتحقيق العديد من المكاسب. وأبرز المشاركون في هذه الندوة، التي انطلقت أشغالها أمس الخميس بالعاصمة الأندلسية وتستمر على مدى يومين، أن مسلسل تطور العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، تميز بثلاث مراحل متكاملة تتمثل في المرحلة التأسيسية عبر تدعيم المبادلات التجارية وتقديم الدعم المالي، ثم إبرام اتفاق الشراكة الشاملة، وأخيرا تعزيز البناء المؤسساتي من خلال اعتماد الوضع المتقدم. وفي هذا الصدد أكد مدير المعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط (برشلونة) سينين فلورنسا على أهمية المضي قدما في مسلسل تعزيز العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن شركاء آخرين لاوروبا يسعون إلى نهج نفس المسار الذي تبعته المملكة البلد الذي "يقدم مثالا" في هذا المجال. وفي هذا الصدد قال سينين فلورنسا، وهو أيضا دبلوماسي اسباني سابق، "من الأهمية بمكان أن يواصل المغرب القيام بدور رائد في العلاقات الأورومتوسطية". وأضاف أن انعقاد القمة الاولى للاتحاد الأوروبي ` المغرب يومي سابع وثامن مارس القادم في غرناطة (جنوبإسبانيا) في إطار الرئاسة الاسبانية للاتحاد الأوروبي، يشكل فرصة "لتسريع" وتيرة تطور العلاقات الثنائية، واصفا هذه القمة "بالمهمة جدا". ومن جهته أكد المنسق الاسباني للجنة ابن رشد رامون إنثيسو أن هذه الخطوة الجديدة (الوضع المتقدم) في العلاقات التي تجمع بين المغرب والبلدان ال27 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي، تعد فرصة كبيرة لتثمين المكتسبات التي تم تحقيقها، مشددا على أن الفاعلين الاقتصاديين الأوروبيين مدعوين خلال هذه المرحلة الجديدة إلى الاهتمام أكثر ب"المؤهلات الحقيقية" التي يتيحها المغرب. وأبرز إنثيسو أن المغرب حقق نموا مهما، خاصة في المجالات الاقتصادية والسياحية والإدارية، داعيا في هذا الصدد إلى مشاركة أكبر لرؤوس الأموال الأوروبية من أجل تعزيز الروابط بين المغرب والاتحاد الأوروبي. ومن جانبه أبرز رشيد الهديغي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، أن العلاقات المغربية الأوروبية تتميز ب"الاستقرار والاستدامة"، معتبرا أن هذه العلاقات الثابتة ليست خيارا من بين خيارات أخرى. وأوضح أن "قرار منح المغرب الوضع المتقدم، جاء نتيجة مسلسل تميز بأهمية الإصلاحات التي تم القيام بها في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس والتزام الدبلوماسية المغربية بتعزيز شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي".)
وأشار الأستاذ الجامعي المغربي في هذا الإطار إلى أن الوضع المتقدم يمثل "دليلا على نضج العلاقات المغربية الأوروبية، المبنية على أساس من الثقة والتقارب"، مضيفا أن هذا المشروع الذي يشكل في نفس الوقت "تحديا وأملا يتطلب حكامة منسجمة وشاملة". ومن جهته أكد العربي الجعايدي أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس في الرباط أن المغرب والاتحاد الأوروبي انخرطا في شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد على المدى البعيد مضيفا أن المغرب كان دوما "فاعلا نشيطا" في إطار هذه الشراكة. وأبرز في هذا الصدد أنه يتعين إيلاء اهتمام خاص بكيفية إعطاء فعالية للعلاقات بين أوروبا والمغرب ولا سيما من خلال استراتيجية متماسكة لفسح المجال أمام الفاعلين غير الحكوميين للقيام بدور فاعل وديناميكي. ويشارك في هذه الندوة الدولية مسؤولون وخبراء وجامعيون وفاعلون بالمجتمع المدني يمثلون كلا من المغرب وإسبانيا التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي. وتتناول أشغال هذه الندوة، المنظمة بتعاون مع ورشة العمل الدولية للدراسات المتوسطية ومؤسسة الأبحاث في جامعة كومبلوتنسي بمدريد حول موضوع "المغرب ` الاتحاد الأوروبي : مستقبل العلاقة بينهما"، عددا من المواضيع التي تهم مختلف أبعاد العلاقات بين المملكة والاتحاد الأوروبي في كافة المجالات، خاصة منها الاقتصادية والسياسية والمؤسساتية. ومن بين المواضيع التي تتناولها هذه الندوة أيضا، الوضع المتقدم الذي منحه الاتحاد الأوروبي للمغرب واتفاق الشراكة بين الجانبين وآفاقه على المدى المتوسط، وسياسة الجوار الأوروبية، وخطط عملها والتعاون في المجال الأمني، بالإضافة إلى مسلسل برشلونة والاتحاد من أجل المتوسط، الذي أحدث في يوليوز 2008 بهدف مواصلة مشروع التعاون الأورومتوسطي، وضمان رؤية واضحة لمساره فضلا عن توزيع منصف للمسؤوليات.