قارب نقاد وأدباء من الكويت والمغرب على مدى يومين جوانب من تحولات المشهد الأدبي الحديث في الكويت،على مدى خمسة عقود من الحضور الأدبي والتراكم الإبداعي في مختلف الأجناس الأدبية والتعبيرية المهيمنة بهذا البلد الذي حل ضيف شرف على أصيلة في الدورة ال33 لموسمها الثقافي الدولي. وأبرز هؤلاء النقاد خلال ندوة "الحركة الأدبية في الكويت خلال نصف قرن" التي تحتضنها الدورة ال26 لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية المنظمة في إطار فعاليات موسم أصيلة واختتمت فعالياتها اليوم الاربعاء،المكانة المتميزة التي تشغلها الحركة الأدبية في الكويت منذ الاستقلال،وكذا الدور الطلائعي اللافت الذي اضطلع به الأدباء والمبدعون الكويتيون في اثراء المشهد الأدبي العربي وتطويره. وفي كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة،التي أشرفت على تنشيطها الأستاذة الجامعية زهور كرام،أكد الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة،السيد محمد بنعيسى،أن دولة الكويت الشقيقة اختارت أن تكون الثقافة عملتها الرمزية،ما جعلها تنفق منذ الاستقلال بسخاء متواصل على الإنتاج الثقافي ليصل إلى شرائح القراء في أنحاء العالم،مبرزا الدور الكبير الذي اضطلعت به مؤسساتها الثقافية وفي مقدمتها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في تنوير القارئ العربي. وأضاف السيد بنعيسى أن مؤسسة منتدى أصيلة حرصت على إبراز الغنى الكمي والكيفي في مجال الأدب في دولة الكويت من خلال الكتاب الجماعي الذي نشرته مؤخرا تحت عنوان "الأدب الكويتي الحديث بأقلام مغربية". من جانبه،توقف الناقد والأكاديمي المغربي رشيد بنحدو عند دور المجلات الأدبية والثقافية في النهوض بفن القصة القصيرة الكويتية،باعتبارها أداة ومساعدا للتأريخ للأدب المعاصر بالكويت،مستعرضا في هذا الإطار دور مجلات "الكويت" والعربي" و"البيان" وعالم الفكر". وأكد الأستاذ بنحدو أن هذه المجلات كان لها "أثر ايجابي قوي" في الحركة الأدبية في الكويت ودور حاسم في بلورته وتطويره،معتبرا أن التأريخ للقصة بالكويت لا بد وأن يستند لهذه المجلات التي تصلح "بامتياز" لأن تكون معيارا موثقا يسمح بقياس التطور المضموني والتحول الشكلي للفن القصصي بالكويت. من جهتها،قالت الروائية والقاصة الكويتية هدى الشوى القدومي،إن هناك تقصيرا على مستوى الأعمال الخاصة بأدب الطفل والشباب،إن على مستوى بلدها،أو على مستوى العالم العربي ككل ،مؤكدة على ضرورة تضافر الجهود للارتقاء بالوعي الثقافي لدى الطفل،والاشتغال أكثر على الأعمال الموجهة لهذه الفئة العمرية. ودعت في هذا الإطار إلى إتاحة الفرصة للنشىء لولوج فضاءات المسرح والأروقة الفنية لمشاهدة والتفاعل مع عروض في الفنون الأدائية،وتعزيز دور المؤسسات غير الحكومية والقطاع الخاص،داعية إلى "انتفاضة في مجال تعليم اللغة العربية والابتعاد عن التلقين والحفظ في مدارسنا،وإحداث مواد جديدة خاصة بالكتابة الإبداعية". من جانبها،توقفت القاصة الكويتية سعداء الدعاس عند ملامح الكتابة الأدبية النسائية بالكويت التي أضحت "تتسيد شيئا فشيئا على المشهد الأدبي" بهذا البلد،مشيرة إلى العدد الكبير من القاصات الكويتيات اللواتي أغنين وأثرين الساحة الأدبية. وأبرزت الدعاس أن أهم ملمحين تتميز بهما هذه الكتابة يتمثلان في كونها ترصد معاناة المرأة العاملة،والمشاكل التي تعترضها في المجتمع الذكوري من جهة،وتتعرض من جهة أخرى لقضايا الناس البسطاء وحياتهم اليومية. من جهته،قدم الشاعر والكاتب الكويتي إبراهيم الخالدي,عرضا عن الحركة الشعرية الكويتية وتطورها منذ القرن ال18 إلى اليوم،مشيرا إلى المسار التطوري الذي عرفته هذه الحركة انطلاقا من الشعر الفصيح إلى شعر التفعيلة فالنثر ثم الشعر الحديث. واستعرض الخالدي نماذج لشعراء برزوا في كل نمط من هذه الأنماط . وتوقف الناقد والأكاديمي المغربي إبراهيم السولامي من جانبه،عند "المجتمع الكويتي من خلال مقالات الكويتية منى الشافعي" التي تعتبر "كاتبة قصة ومقالة لامعة" تناولت في مقالاتها مواضيع متنوعة وتلونت تقنياتها في العرض،وأفاضت بالخصوص في تناول موضوع أساسي حظي لديها بأهمية قصوي هو موضوع المرأة ودورها في المجتمع. أما مدير إدارة الفنون التشكيلية في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد العسعوسي،فقد توقف عند الدور الذي يضطلع به المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الحركة الأدبية الكويتية،إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني،سواء من خلال نشره للأعمال الإبداعية أو إحداثه لجوائز تشجيعية،مؤكدا أن هذه المؤسسة الرائدة على المستوى العربي تشكل "حاضنا حقيقيا للإبداع والمفكرين". يذكر أن مؤسسة منتدى أصيلة أصدرت في يوليوز الجاري،كتابا بعنوان "الأدب الكويتي الحديث بأقلام مغربية" من إعداد الناقد عبد الرحيم العلام،تم تقديمه على هامش هذه الندوة،يضم 42 دراسة وقراءة ونقدا انصبت على عدد من الأعمال الأدبية الكويتية في أجناس الشعر والقصة القصيرة والرواية وأدب الرحلة والمسرح،وشارك في تأليفه عدد من الكتاب والنقاد والأدباء المغاربة. يشار إلى أن الدورة ال33 لموسم أصيلة الثقافي الدولي تميزت ببرمجة غنية من الأنشطة الثقافية والفنية التي تروم إلقاء الضوء على مختلف مناحي التراث الشعبي والإنتاج الأدبي الكويتي.