احتفى أصدقاء المعتمد بن عباد، مساء أمس السبت بمدينة شفشاون، بالشعر والجمال والخيال في الربيع السادس والعشرين للمهرجان الوطني للشعر المغربي الحديث. فبالحديقة الغناء بفضاء القصبة الشامخة بساحة وطاء الحمام افتتح الشعراء مهرجانهم (9-10 يوليوز)، فألقوا أبياتهم التي حملتها نسمات الرياح العليلة في مساء شعري، يذكر بليالي الأنس بالأندلس، إلى أزقة ودروب وشرفات بيوتات شفشاون "غرناطة" المغرب. وقد اختارت جمعية أصدقاء المعتمد أن تسم دورة 2011 لمهرجانها ب"دورة التحولات وشعريتها" لتحتفل كما يقول الشاعر والصحفي عبد الحق بن رحمون، مدير المهرجان والكاتب العام للجمعية في كلمة باسمها، ب"ربيع الشعر الذي لا ينتهي وبالجمال وحرية الخلق"ْ. وازداد ألق هذا السوق الشعري بحضور عبد الكريم الطبال أحد رواد هذا الجنس الإبداعي، وهو الذي قال عنه الشاعر والزجال أحمد المسيح، الذي سير العشية الشعرية الأولى، "يقدم قداسه الشعري يوميا حتى لا تصبح القصيدة هي هو ويصبح هو هي". الطبال ابن شفشاون، فهو الناسك المتعبد بمحرابها، منها يرى العالم ويقوله شعرا فياضا، ومن أشعاره اختار أن يشنف أسماع عشاق كلماته بقصيدتين قصيرتين، تنمان عن روحه الشفافة، عنون الأولى ب`"هبات"، وفضل أن تكون القطعة الثانية "بلا اسم " فاسحا، كعادته في قصائده القصيرة جدا، المجال للخيال ليحلق بالمستمعين بعيدا. وتوالت اللحظات الجميلة بفضاء "القصبة"، إذ تدفق الشعر رقراقا من أفواه الشعراء نجيب خداري وأحمد المسيح ومحمد بودويك وادريس علوش ونبيل منصر، والشاعرات أمينة المريني ووداد بن موسى وفاطمة الزهراء بنيس وصباح الدبي. وليستمر الاحتفاء بربيع الشعر، وليفتح نافذة الجمال ليطل منها كل عاشق للقصيدة، فقد قطع المهرجان مراحل عديدة منذ تأسيسه سنة 1964، يتوقف مرات، إلا أنه يلتقط أنفاسه كل مرة لتواصل الكلمة تألقها مدثرة شفشاون "الشاعرة الجميلة" بنسمات الشعر، فهذا المهرجان، حسب المسيح "كان تأسيسيا لتظاهرات ثقافية بالمغرب وكثير من الشعراء عمدوا فيه". ولهذا فضل عبد الحق بن رحمون في كلمة باسم جمعية أصدقاء المعتمد أن يؤكد أن المهرجان وهو يشعل الشمعة ال`26 ، يضيء المحيط، ليشع نور الإبداع والخلق، وفاءً وإخلاصا من أصدقاء ابن عباد للمبدعين والنقاد والقراء. وأشار الى أن هذه التظاهرة، التي تنظم بدعم من وزارة الثقافة ومجلس جهة طنجة-تطوان وعمالة شفشاون والجماعة الحضرية للمدينة، تنعقد والعالم يشهد تحولات تفرض على المبدع طرح أسئلة عميقة عن الذات والآخر، وذلك من أجل التأمل واستشراف الأفق، مفسرا أن المهرجان يرسم سنة بعد أخرى لأفق جمالي وثقافي أسمى وأكثر حرية. ويقطف المهرجان بذلك، هذه السنة "أولى ثمار التحول، خالقا اللحظة الثقافية الأولى، خاصة، بعد إقرار دستورِ جديد ينص في أحد فقراته المركزية على حرية الخلق والإبداع". وخلص إلى أن المهرجان الوطني للشعر المغربي الحديث يتمتع برمزية نافذة في قلوب مريديه ووجدان ساكنة المدينة، فهو خيمة كل الشعراء ونقاد الشعر وقرائه، منذ تأسيسه إلى الآن وبات معلمة ثقافية وإبداعية رَاسخة في الضمير الجمعي المغربي. يشار إلى أنه تم بالمناسبة افتتاح معرض لملصقات الدورات السابقة للمهرجان، تحتضنه قاعة السيدة الحرة بالقصبة، وكذا معرض تشكيلي لثلة من الفنانين برواق برتوتشي.