قال الأكاديمي الإسباني مانويل خوسي تيرول بيسيرا، إن الدستور الجديد الذي وافق عليه المغاربة بأغلبية ساحقة خلال استفتاء فاتح يوليوز الجاري، يعد "أحد الدساتير الأكثر تقدما " على الصعيد العالمي. وأوضح هذا المتخصص في القانون الدستوري، خلال لقاء نظم أمس الأربعاء بمدريد حول "الدستور الجديد للمملكة المغربية"، أن القانون الأساسي المغربي "يستجيب للمستويات المطلوبة في المجال الدستوري، ولا سيما من حيث الفصل بين السلطات و ضمان الحقوق". وأكد السيد بيسيرا، في مداخلة أمام عدد من المثقفين والجامعيين المغاربة والإسبان، فضلا عن أعضاء من الجالية المغربية المقيمة في إسبانيا، أن هذا الدستور كان "سخيا جدا"، بالنظر إلى العدد الهام للحقوق الأساسية التي يضمنها"، مشيرا إلى أن قائمة كبيرة من الحقوق الاجتماعية التي يتضمنها القانون الأساسي المغربي الجديد "يندر وجودها" في دساتير دول أخرى. كما أكد هذا الأستاذ الباحث في جامعة بابلو أولافيد بإشبيلية (جنوب) أن جميع مؤسسات الدولة في هذا الدستور الجديد تحتكم للقانون، مشيدة في هذا الصدد، إلى إحدى النقاط الرئيسية في الإصلاح والمتعلق بالإمكانية المتاحة أمام المواطن للطعن أمام المحكمة الدستورية في عدم مطابقة القوانين التي تتم المصادقة عليها للدستور. وأضاف خلال هذا اللقاء المنظم من طرف المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، أن المغرب ينتمي إلى البلدان ذات الدساتير المكتوبة وليس العرفية، مشيرا إلى أن الدستور المكتوب يحدد القواعد الأساسية والأفكار التي تنظم دولة القانون. من جانبها، قدمت أمينة المسعودي، وهي أستاذة بكلية الحقوق أكدال - الرباط، عرضا حول صلاحيات الملك في الدستور الجديد، مؤكدة في هذا الإطار، أن الملكية بالمغرب التي هي ملكية مواطنة هي الضامنة لأسس الأمة، والتي تتولى مهام السيادة والتحكيم. وأبرزت حذف الدستور الجديد لأي مرجعية إلى قدسية شخص الملك، واستبدالها ب`عبارة "الاحترام الواجب للملك ". كما تطرقت السيدة المسعودي التي كانت عضوا في اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور إلى التمييز الواضح بين سلطات الملك كأمير المؤمنين، وسلطاته كرئيس للدولة له مهام واختصاصات يمارسها وفقا للدستور. ومن جهته، أبرز محمد العمراني بوخبزة أستاذ بكلية الحقوق بطنجة، تعزيز صلاحيات الوزير الأول الذي أصبح رئيسا للحكومة، بالإضافة إلى تعزيز دور البرلمان في الدستور الجديد. وأوضح أن تغيير تسمية الوزير الأول ليس تغييرا على مستوى الشكل فحسب، ولكنه تغيير في المضمون أيضا، على اعتبار أن رئيس الحكومة سيشارك في ممارسة السلطة على كل مستويات التشريع، والتفويض والاقتراح و التشاور. وأشار السيد بوخبزة إلى أن رئيس الحكومة يمارس سلطة تنفيذية حقيقية وله اختصاصات واسعة في التعيين في المناصب المدنية، مضيفا أن المجلس الحكومي أصبح هو الموقع الفعلي لتحديد وتنفيذ سياسية الدولة. وبخصوص البرلمان، قال إن الدستور الجديد ينص على سمو مجلس النواب الذي يمكن له أن يراقب عمل الحكومة، مع غرفة ثانية تم تقليص عدد أعضائها، ولها تركيبة ذات طابع ترابي وتضم كذلك تمثيلية نقابية ومهنية. ومن جانبه، قدم أحمد بوعشيق أستاذ بكلية الحقوق بسلا الخطوط العريضة لدسترة الجهوية المتقدمة، مؤكدا أن الدستور الجديد يفتح الباب أمام مغرب موحد للجهات، يقوم على إعادة تنظيم ديمقراطية للاختصاصات ما بين الدولة وهذه الجهات. ويتعلق الأمر بتصور جديد لتظيم المجال الترابي للملكة ،يرتكز على نقل جوهري للكفاءات ما بين المركز والجهات ومختلف أشكال الشراكة ما بين الدولة والجهات ، وكذا بين الجماعات المحلية. من جهته، استعرض محمد بن يحيى أستاذ بكلية الحقوق بالرباط-السويسي المبادئ والحريات الأساسية للمواطنة التي نص عليها الدستور الجديد الذي هو ميثاق منسجم مع المرجعية الكونية لحقوق الإنسان.