دعا المشاركون في لقاء حول "الحضور العربي بأمريكا اللاتينية"، نظم مساء اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء، إلى مضاعفة الجهود في مجال البحث العلمي لإبراز مساهمات العرب في بناء هياكل ومؤسسات أمريكا اللاتينية. وفي هذا الصدد، اعتبر باحثون مغاربة وأجانب ساهموا في تنشيط هذا اللقاء، الذي نظمه معهد سيرفانتيس بالرباط والدار البيضاء بتعاون مع (مؤسسة البيت العربي)، أن مساهمات الجالية العربية، التي هاجرت في فترات متفرقة إلى بلدان أمريكا اللاتينية، في بناء مؤسسات بلدان هذه القارة "ما تزال بشكل عام مغمورة ومجهولة وغائبة".
وأبرزوا أن هذا الغياب يعزى إلى ندرة الأبحاث والمؤلفات التي تسلط الضوء على دور هذه الجالية وإثرائها لمجالات السياسة والاقتصاد والأدب والفن والأعمال والموسيقى في بلدان المهجر.
وتحدث السيد عبد الواحد أخمير، الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، بإسهاب، عن الحياة اليومية للجالية العربية بمختلف بلدان أمريكا اللاتينية، مشيرا إلى أنه اعتمد في توثيق مادته البحثية على الصحف التي تصدر بهذه البلدان وعلى مختلف الإبداعات الأدبية التي أنتجها أدب المهجر مع رواده.
وأوضح أن هذه الجالية اهتمت منذ تواجدها بالاقتصاد والسياسة في بلدان المهجر، لكنها لم تنس بلدانها الأصلية، مشيرا إلى أن تخرج أبناء هذه الجالية من الجامعات جعلهم يتبوأون مراكز متقدمة (رؤساء دول، وزراء ومسؤولون كبار)، فضلا عن تأسيسهم لأحزاب ونقابات ومشاركتهم في التحولات السياسية الكبرى التي وقعت ببعض البلدان.
من جهتها، ميزت السيدة سيلفيا مونتينيغرو (حاصلة على دكتوراه في السوسيولوجيا بالجامعة الفيدرالية لريو دي جانيرو) والباحثة بالمجلس الوطني للبحث العلمي والتقني بالأرجنتين، بين الهجرة العربية القديمة التي كانت لها دوافع اقتصادية واجتماعية (تحسين ظروف العيش)، والهجرة العربية الحديثة التي كانت لها دوافع سياسية (الحرب الأهلية بلبنان، الأوضاع المعقدة بالأراضي الفلسطينية).
وبعد أن أكدت أن الجالية العربية اندمجت بسرعة في مجتمعات الاستقبال، سجلت، في الوقت ذاته، أن المهاجرين الجدد يواجهون حاليا مصاعب كثيرة في ضوء ما يشهده العالم من توترات.
وأشار، في هذا الصدد، إلى أن هذا القطاع يساهم على صعيد الجهة في خلق مناصب للشغل وضمان العيش لأزيد من 50 ألف صانع تقليدي يعملون بشكل خاص في الصناعة التقليدية ذات الحمولة الثقافية و120 ألف و480 صانع تقليدي في هذه الصناعة بمختلف منتوجاتها مما يجعلها تحتل نسبة 38 بالمائة من اليد العاملة بمدينة مراكش أي 9 بالمائة من مناصب الشغل في هذا القطاع على المستوى الوطني.
وسجل أن هذه المردودية تبقى غير كافية بالنظر الى المؤهلات الهامة التي يتوفر عليها قطاع الصناعة التقليدية بهذه الجهة، وهو ما استوجب وضع برنامج للتنمية الجهوية للصناعة التقليدية مدته خمس سنوات (2009-2013).
وأبرز كاتب الدولة، في هذا الصدد، أن الأهداف الاستراتيجية المحددة في هذا البرنامج بخصوص مراكش تكمن في بلوغ، في أفق سنة 2015، مضاعفة رقم المعاملات المسجل سنة 2006 لتحقيق 6ر2 مليار درهم، ومضاعفة رقم المعاملات في مجال التصدير مقارنة مع سنة 2006 للوصول إلى 900 مليون درهم سنة 2013، فضلا عن إحداث 11 ألف منصب جديد للشغل لتحقيق 55 ألف منصب شغل أي بارتفاع يقدر ب`25 بالمائة.
من جهة أخرى، أبرز السيد أنيس بيرو بعض المشاكل التي تعاني منها الصناعة التقليدية كضعف الطاقة الإنتاجية بالنظر إلى مستوى الطلب بسبب عدم التوفر على صانع تقليدي كفء واستعمال في بعض الاحيان لأساليب وأدوات انتاج غير ملائمة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء، الذي نظم بشراكة مع ولاية مراكش، عرف مشاركة عدد من المسؤولين الحكوميين والاقتصاديين والباحثين الجامعيين بالاضافة الى المنتخبين المحليين والفاعلين في المجتمع المدني والمنعشين الاقتصاديين بالجهة.
وشكل هذا اللقاء فرصة للمشاركين لمناقشة الوسائل والميكانيزمات الضرورية الكفيلة بإحداث مقاولات متجددة وخلق اقتصاد جهوية قوي وأكثر تنافسية فضلا عن دراسة الوضعية الحالية للاقتصاد الجهوي والعمل على وضع خارطة طريق وتصور ورؤية منسجمة من أجل تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية بجهة مراكش-تانسيفت-الحوز.