ينص مشروع الدستور الجديد المطروح على الاستفتاء يوم الجمعة المقبل الأول من يوليوز على إحداث المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي كهيئة استشارية، لإبداء الآراء حول كل السياسات العمومية، والقضايا الوطنية التي تهم التعليم والتكوين والبحث العلمي. وتبدي هذه الهيئة، حسب مشروع الدستور الجديد (الفصل 168)، كذلك رأيها حول أهداف المرافق العمومية المكلفة بهذه الميادين وتسييرها وتساهم في تقييم السياسات والبرامج العمومية في هذا المجال، مشكلة استمرارية لمؤسسة المجلس الأعلى التعليم الحالي الذي ينص عليه الدستور الحالي (الفصل 32). ويرى السيد عبد اللطيف المودني الأمين العام بالنيابة للمجلس الأعلى للتعليم أن مشروع الدستور الجديد منح لهذا المجلس موقعا أساسيا ضمن هيئات النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، في إطار "مقاربة استشرافية للحكامة الجيدة القائمة على المشاركة والتتبع والتقويم". وأضاف السيد المودني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الانتقال نحو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي يؤكد أن منظومة التربية والتكوين تشكل إحدى رافعات الإصلاح السياسي; وأن قضايا المدرسة تقع في صلب المشاركة الديمقراطية، باعتبار المجلس مؤسسة تهم جميع المغاربة; وأن المنظومة التربوية تمثل أحد رهانات المشروع التنموي للمغرب. وقال المودني إن هذه الدلالات الاستشرافية لمدرسة مغرب الحاضر والمستقبل ستعزز دور هذا المجلس بوصفه فضاء لتبادل الرأي المتعدد وللنقاش الديمقراطي حول أسئلة التربية والتكوين. كما أشار إلى أن النص الجديد يخول أفقا أوسع لعمل المجلس عبر توضيح مجالات تدخله وتدقيق اختصاصاته لتزاوج بين إبداء الرأي والاقتراح وبين التقويم المنتظم للسياسات العمومية والقضايا الوطنية التي تهم التربية والتكوين والبحث العلمي. وفي ما يخص البحث العلمي، سيكون المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي مدعوا أكثر من السابق، حسب السيد المودني، إلى الإفادة بمهمته الاستشارية وقوته الاقتراحية ودوره التقويمي، بوضوح وجرأة، في السياسات والمشاريع الوطنية للبحث العلمي بمختلف مجالاته، النظرية والتطبيقية، المرتبطة بالعلوم الدقيقة والتقنية وبالعلوم الاجتماعية والإنسانية والتربوية. هكذا سيكون على المجلس، يضيف السيد المودني، الإسهام في دينامية خلاقة للنهوض بالبحث العلمي وتعزيز انخراط البلاد في مجتمع المعرفة، خاصة عبر التقويم الداخلي والخارجي للبحث العلمي والتقني بالاستعانة بهيئات وخبراء مستقلين، والمساعدة على توطيد آليات التنسيق بين مختلف مؤسسات وهيئات البحث العلمي وطنيا. وأوضح أن هذا التنسيق سيمكن من وضع سياسة متكاملة وواضحة في هذا المجال وتقوية الجسور بين هذه المؤسسات وبين الجامعات لترسيخ البحث في عوالم الاقتصاد والمجتمع والتربية والثقافة والإسهام في تعميم نتائجه قدر المستطاع. كما يتأتى تحقيق هذه الدينامية الجديدة، يضيف السيد المودني، عبر الإسهام في جعل الجامعة المغربية ومؤسسات البحث بمختلف أنواعها مراصد للتقدم الكوني العلمي والتقني وقبلة للباحثين الجادين من كل أنحاء العالم ولفضاءات البحث الدولية ومختبرا للاكتشاف والإبداع وقاطرة للتنمية الشاملة. ويستشار المجلس الأعلى للتعليم، في صيغته الحالية، في مشاريع الإصلاح المتعلقة بالتربية والتكوين كما يقوم بتقويمات شاملة للمنظومة الوطنية للتربية والتكوين، على المستوى المؤسساتي والبيداغوجي والمتعلق بتدبير الموارد، ويسهر على ملاءمة هذه المنظومة مع محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ويبدي المجلس أيضا رأيه في استراتيجيات وبرامج إصلاح منظومة التربية والتكوين التي تحيلها الحكومة إليه; ويبدي رأيه للحكومة في مشاريع النصوص القانونية أو التنظيمية ذات الأهمية الخاصة بالنسبة لقطاع التربية والتكوين، إلى جانب رفع اقتراحات وتقارير لجلالة الملك بهذا الشأن. وتمت إعادة تنظيم المجلس الأعلى للتعليم سنة 2006 في إطار تثمين عمل اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين وتفعيل توصيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين واستكمال مسار الإصلاح التربوي ، حيث أضحت تركيبة المجلس تزاوج بين تمثيلية مختلف مكونات الأمة والمعنيين بالتربية والتكوين وبين الخبرة والتخصص في هذا الميدان.