أكد المندوب الوزاري المكلف بحقوق الانسان السيد المحجوب الهيبة، اليوم الخميس بالرباط، أن روح وفلسفة وتوجهات مشروع الدستور الجديد، المعبر عنها في الخطاب الملكي ليوم 17 يونيو الجاري، تؤسس لميثاق حقيقي ومتكامل في مجال الحريات وحقوق الانسان. وأوضح السيد الهيبة، في كلمة تليت نيابة عنه خلال ندوة اقليمية نظمتها جمعية "نور للتضامن مع المرأة القروية"، بدعم من منظمة "أوبين سوسيتي انستيتي" حول موضوع "التصدي لإشكالية الزواج المبكر"، أن هذا الميثاق يأتي بغية تأكيد "المقاربة الحقوقية" في السياسات العمومية. وأبرز السيد الهيبة، خلال هذا اللقاء، الذي عرف حضور خبراء وممثلي عدة دول، ومسؤولين من القطاعات الحكومية المعنية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الوطنية، أن مشروع الدستور الجديد يؤسس لآفاق جديدة في مجال التأصيل المؤسساتي لحقوق الانسان في المغرب، مع التركيز القوي للأبعاد المتعلقة بتقوية مؤسسات الحكامة في مجال حقوق الانسان. وأضاف أنه يكرس مقاربة تشاركية واسعة بالنسبة لتدبير الشأن العام وممارسة الحقوق والواجبات، بما يضمن صيانة كرامة المواطن وحماية حقوقه والنهوض بها. كما تطرق السيد الهيبة إلى المجهودات التي تبذلها جمعية "نور" على المستوى الوطني وخاصة بالمناطق النائية، للحد من ظاهرة زواج القاصرات، من خلال تكثيف حملات التوعية والتحسيس، وتوفير فرص استدراكية للتربية والتكوين للشباب واليافعين، ومحو الأمية لفائدة ساكنة القرى النائية، مع توفير مشاريع مدرة للدخل للأسر في هذه المناطق. وفي هذا السياق، ذكر المندوب الوزاري باختصاصات المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الانسان، التي كلفت بإعداد وتنسيق السياسة الحكومية، في مجال النهوض بحقوق الانسان وحمايتها، وخاصة من خلال ترسيخ أرضية الحوار والشراكة، مع الهيآت والجمعيات الوطنية، لأجل ضمان مساهمتها في تنفيذ الاستراتيجيات ومخططات العمل الوطنية، في مجال حماية حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بها. كما أثار السيد الهيبة، بالمناسبة، مسألة ارتفاع نسب حالات زواج القاصرات واستمرار بعض الممارسات التقليدية التي تشمل على الخصوص زواج ذوي القربى والزواج بالإكراه. وأكد المندوب الوزاري أن المواضيع التي سيتم تداولها في هذه الندوة الاقليمية سوف تحدد أرضيات اشتغال جماعية لمواجهة هذه الظاهرة من خلال تفعيل المقتضيات والتدابير التصحيحية والرادعة ذات الصلة التي تضمنتها مدونة الأسرة من جهة، والعمل على تطوير مقاربة وقائية مبنية على معالجة مسببات الظاهرة، من جهة أخرى. وأضاف أن هذا لن يتأتى إلا بالنهوض بممارسة المقاربة التشاركية والتنسيق الدائم مع فعاليات المجتمع المدني باعتبارها قوة اقتراحية من شأنها توفير الدعم للسياسات العمومية ذات الصلة ومواكبة مسار تنفيذها وتوسيع دائرة الانخراط المجتمعي بشأنها. ومن منظور حقوق الانسان، أوضح السيد الهيبة أن للظاهرة عواقب وخيمة بحكم أن الفتيات المعرضات للزواج المبكر يحرمن من ممارسة عدد من الحقوق التي تضمنتها الاتفاقية الأممية المتعلقة بحقوق الطفل كالحق في التربية والتعليم، والحق في الحماية ضد المعاملة السيئة وكل أشكال الاستغلال الجنسي، والحق في الصحة. وفي هذا الإطار، استحضر المندوب الوزاري الضمانات التشريعية الوطنية المتخذة من أجل الحد من ظاهرة الزواج المبكر من خلال المقتضيات التي أتت بها مدونة الأسرة في ما يخص زواج القاصر. وثمن المجهودات التي تبذلها الإدارة المغربية ممثلة بالأساس في وزارة العدل من أجل إنجاح التطبيق الأمثل لمقتضيات مدونة الأسرة المتعلقة بهذا الجانب من خلال توجيه دوريات تحث فيها على ضرورة التطبيق السليم لتلك المقتضيات، مع التأكد من توفر كل الشروط المطلوبة وانتفاء جميع الموانع قبل الإذن بالزواج للقاصر، لكنه بالمقابل أبرز محدوديتها أمام عمق هذه الإشكالية عند ربطها بحجم امتدادها السكاني والجغرافي وتشعب مدخلاتها ومستوياتها. ودعا السيد الهيبة إلى تأهيل دور المجتمع المدني وتعزيز آليات التنسيق وقنوات التشاور مع مكوناته بشأن وضع وتنفيذ التشريعات والسياسات الرامية إلى التصدي لمثل هذه الظواهر والحرص على تجميع قدرات وإمكانيات المنظمات غير الحكومية وعلى الخصوص منظمات حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها والمنظمات التنموية سواء كانت محلية أو وطنية أو دولية، فضلا عن ضمان مساهمة فاعلين آخرين، لاسيما القطاع الخاص.