قال الفنان المسرحي عبد الجبار الوزير، بإصرار وثقة كبيرين، "لن أتخلى عن الخشبة وعن جمهوري رغم سني المتقدم ووضعي الصحي المتدهور، لأن حب الجمهور يمنحني القوة وشحنة كبيرة لمواصلة العمل". واستحضر الفنان الوزير، الذي شارك في المهرجان الوطني ال`13 للمسرح بمكناس ضمن عمل لفرقة "ورشة الإبداع" المراكشية، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بذاكرة قوية وتفاصيل دقيقة، أزيد من 60 سنة قضاها في معانقة فن الركح، وبدايات مساره المسرحي الذي انطلق سنة 1948 مع فرقة الأطلس. وأبرز، في هذا السياق أنه انخرط ضمن الفرقة التي كان يديرها عبد الواحد العلوي الذي لقنه أصول المسرح، وعمره لم يتجاوز آنذاك 20 سنة، فكانت مناسبة للالتقاء بأقرب أصدقائه الذين غيبت الموت أغلبهم وعلى رأسهم الراحل محمد بلقاس، حتى 1958 التي كانت سنة ميلاد فرقة الوفاء المراكشية التي ثبتت وجودها في المشهد المسرحي المغربي بأعمال متميزة. ويتدخل القدر مرة أخرى، يقول الفنان الوزير، في سنة 2000 "لأنضم إلى فرقة (ورشة الإبداع) إلى جانب شباب طموح يحب هذا الفن ويحترمون تجربتي ووضعي الاعتباري، فشاركت معهم إلى الآن في عشر مسرحيات من مجموع 79 مسرحية شاركت فيها دون احتساب السكيتشات والحفلات والمسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية". لكن أفضل أيام عمري المسرحي، يقول الفنان الوزير وهو يفتح سجل ذكرياته، "قضيتها في فترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي مع أصدقاء الدرب، بلقاس وعبد الهادي لتيم وغيرهم، فكان جلالة المغفور له الحسن الثاني يحب الفنانين، ودعانا رحمة الله عليه مرات عدة لتنشيط الحفلات، فكنا نلقى منه رحمه الله عناية خاصة، وما تزال تلك اللحظات الجميلة محفورة في ذاكرتي". وحول حياته الأسرية قال "كنت دائم السفر والتنقل، وقد أغيب شهرا أو أكثر عن البيت حيث لم أرافق أبنائي في كل مراحل عمرهم، بل كانت زوجتي تقوم بدور الأم والأب في نفس الآن، وأظن أن هذا السبب كان كافيا لاختيار أبنائي الدراسة والوظيفة". وبابتسامة عريضة، يضيف الفنان عبد الجبار لوزير، "ولا أزال أحب المسرح حتى ولو أنني لا أستطيع الوقوف على رجلي". وبخصوص مقاطعة مجموعة من الفرق المسرحية للمهرجان الوطني للمسرح بعد أن تمت برمجتها، قال الفنان لوزير بشيء من الحسرة، "منذ سنة 1948 لا أذكر أن فنانين مسرحيين قاطعوا موعدا كهذا، أو خاضوا إضرابا، بل بالعكس كنا نحارب من أجل حضور المواعيد المسرحية ولقاء الجمهور". ويرى أن المقاطعة تستهدف الجمهور أكثر وتحرمه من متعة الفرجة ومن لقاء فنانين يحبونهم ويتابعون أعمالهم، معتبرا أنه كان على المسرحيين ألا يقاطعوا المهرجان لأنه موعد وطني مهم لجميع الفنانين وللجمهور الذي حرم من حقه في الفرجة. وأضاف قائلا "كل المشاكل مهما كانت طبيعتها لا يتعين أن تصل إلى مستوى المقاطعة لأن بين الممثل والوزارة الوصية على القطاع تعاقد مادي ورمزي يفرض الحوار بين الطرفين، ثم هناك أساليب متعددة للاحتجاج كحمل الشارة الحمراء ومخاطبة الرأي العام وغير ذلك". وقال "كنا في فرقة الوفاء المراكشية نقدم بغير حساب ولا ننتظر من الدولة أن تعطينا، كانت ظروفنا صعبة للغاية وحاربنا الاستعمار وزج بنا في السجون مرات عدة، ورغم ذلك تحملنا وناضلنا من أجل البقاء في المسرح". وفي ما يتعلق بوضع الممثل ما بين الأمس واليوم، اعتبر الفنان الوزير أن المسافة طويلة، ولا مجال للمقارنة، "اليوم يتمتع الفنان بضمانات أكبر ولديه كل أسباب النجاح في العمل والدراسة والانتشار وبفرص أوفر سواء في المسرح أو السينما أو الإشهار مع وجود إعلام قوي، أما فنان الأمس فلم تكن لديه هذه الفرص، ورغم ذلك كان شعارنا الكفاح من أجل تأدية الرسالة التي اخترناها". وحول رأيه في جيل المسرحيين الجدد، قال الفنان الوزير، "فيه الغث والسمين"، ويبقى في اعتباره الأهم، هو أن يتحلى المسرحي بالأخلاق الحميدة والصبر، ويبتعد عن الغرور الذي يقتل كل ما هو جميل في من يريد أن يحمل صفة فنان مع الأخذ بعين الاعتبار دائما للجمهور، ليكسب حبه واحترامه.