بإطلاقه اسم المرحوم محمد سعيد عفيفي على الدورة الأولى لمهرجان العاصمة للمسرح المغربي، يكون هذا المهرجان قد تبنى منذ انطلاقه سياسة الاعتراف برواد المسرح المغربي الأوائل وتثمين عطاءاتهم الكبيرة. وقد ارتأت مؤسسة العاصمة للفنون المغربية التي تنظم هذا المهرجان، تكريم فنانين كبيرين هما الممثلان المغربيان عبد الجبار الوزير وفاطمة الركراكي، خلال حفل افتتاح دورته الأولى أمس بالمسرح الوطني محمد الخامس، كمحطة وفاء لطابعهما الريادي وافتخار بعطاءاتهم. وتناول الكلمة السيد أحمد كويطع نيابة عن وزير الثقافة السيد بنسالم حميش ، و تحدث عن دور الوزارة في دعم المسرح والمسرحيين، مشيرا إلى أن وزارة الثقافة مصرة على إيلاء المسرح الاهتمام الذي يستحقه، إيمانا منها بما يشكله من وعي جماعي. من جهته تناول الكلمة رئيس المهرجان السيد خالد أرسلان ليؤكد أن مؤسسة العاصمة للفنون المغربية، تأسست للحفاظ على الموروث الثقافي الفني وتطوير أليات اشتغاله، والمساهمة في إنعاش وتحفيز الفرق الفنية الوطنية وخلق فضاء فيما بينها من خلال البحث والتنقيب والورشات التكوينية في مجالات الإبداع الفني. وأشار إلى أن أول خطوة لمؤسسة العاصمة كان خلق مهرجان العاصمة للمسرح المغربي في دورته الأولى، قصد تشجيع الإبداع المنبثق من الفكر المغربي، وتطوير التجارب والأبحاث وتنظيم الندوات واللقاءات، وإذكاء روح المنافسة المبدعة بين الفاعلين المسرحيين، ثم خلق وترويج أعمال مسرحية مغربية نصا وتشخيصا وإخراجا وسينوغرافيا. كما أوضح أن هدف المؤسسة هو تقديم صورة حقيقية عن مغرب رابط بين ثقافة الأمس واليوم والغد، ومنفتح على الآخر من خلال إبراز إبداعات الفنان المغربي، وإعطائه الأولوية لتحقيق حلمه في لقائه مع جمهوره، وهذا لن يتأتى إلا بتضافر جهود الوصيين على القطاع، والفنانين، والمجتمع المدني، والغيورين على المجال الفني لتحقيق صورة لامعة للفن والفنان المغربي. وأبرز أن هذا المهرجان يمثل حضورا بارزا للفنان المغربي بثقافته العربية والأمازيغية، حتى يتمكن المبدع المغربي من تحقيق ذاته. من جانبه أبرز مدير المهرجان السيد سعيد عامل أن هذه التظاهرة جاءت لتطوير وتشجيع الممارسة المسرحية من مختلف جوانبها الإبداعية والاهتمام بالفرق المسرحية الوطنية، وإذكاء روح المنافسة الإبداعية النبيلة. وقدم تعريف عن المسرحيات المشاركة في المسابقة الرسمية وهي مسرحية "كلاكاج" لفرقة المدينة الصغيرة شفشاون و"الحراز" لفرقة إكواريوم الرباط و"تيت نين زو" بتريفيت لفرقة تفسوين الحسيمة و"القايد الهواوي" لفرقة مسرح طقوس أربعة - سلا وأخيرا و"مايتنيوعن" بالأمازيغية فرقة البديل المضيء الخميسات. كما قدمت لجنة التحكيم والمتشكلة من عبد الحق أفندي رئيسا للجنة وهو مدير الفنون بوزارة الثقافة، والفنانة لطيفة أحرار والمسرحي عصام اليوسفي والمخرج عبد المجيد الهواس، وفؤاد أزروال، أستاذ باحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. وبعد ذلك تم عرض شريط حول حياة المسرحي الراحل محمد سعيد عفيفي والذي أنجزته زوجته، وتطرق إلى مساره الحياتي والفني و إلى بداياته في الستينات مع فرقة المعمورة وإلى مرحلة السبعينات حيث شغل منصب مدير للمسرح البلدي بالجديدة حيث أنتج أعمالا مسرحية مهمة من قبيل "السوانح" و"التكعكيعة". والتحق في منتصف السبعينات بالمعهد الملكي للموسيقى بالدار البيضاء حيث اشتغل أستاذا للمسرح بالقسم العربي وتتلمذ على يديه عدد كبير من الممثلين المغاربة الشباب، في حين أصبح في الثمانينات مديرا لفرقة مناجم جرادة، وهناك أخرج عددا من المسرحيات المتميزة من بينها "اعمايل جحا" كما قدم خدمة مهمة للمنطقة التي أصبحت تتوفر على مركز ثقافي. وشارك الراحل في أعمال تلفزيونية وسينمائية من بينها "السراب" لأحمد البوعناني و"فيها الملحة والسكر ومابغاتش تموت" لحكيم نوري، وذلك قبل أن توافيه المنية عن سن يناهز 76 عاما يوم 6 شتنبر 2009. وتميز الحفل الافتتاحي أيضا ببث شريط حول الفنان القدير عبد الجبار الوزير، يتضمن عدة شهادات لممثلين شاركوه مسيرته المسرحية والتلفزية، فضلا عن شهادة لابنه وكذا صور يبدو فيها مع أحفاده. وتم عرض مسرحية "الحماق بعقلو" لفرقة ورشة إبداع دراما مراكش، وهي من إخراج عبد العزيز بوزاوي.