أكدت السيد لطيفة أخرباش كاتبة الدولة في الشؤون الخارجية والتعاون اليوم الأحد بالقاهرة أن سبل الانتقال الديمقراطي متعددة وأنه من "الخطأ " الحديث عن تماثل لمختلف حالات هذا الانتقال. وقالت في مداخلة خلال الجلسة الأولى لمنتدى دولي حول " مسارات التحولات الديمقراطية .. خبرات ودروس مستفادة " ينظمه برنامج الأممالمتحدة الإنمائي على مدى يومين،أن من دروس التحولات التي تشهدها حاليا منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي أنه "من الخطأ ومن السطحية أن نعتبر أن هناك تماثلا للحالات وأنه من الممكن استنساخ تجارب الانتقال الديمقراطي". وأشارت السيدة أخرباش في هذا السياق إلى أن لكل بلد خصوصيته ومساره التاريخي واختياراته ومؤسساته ومن ثمة فإنه بالرغم من بعض نقاط الالتقاء والتشابه فإن حالات الدول العربية التي شهدت تغييرا في أنظمتها مؤخرا " تستند إلى تجارب وتراكمات سياسية وممارساتية متباينة". كما أن التحولات التي تعرفها المنطقة العربية،تضيف السيدة أخرباش،أن الشباب كان له دور محوري وطلائعي في حركة التغيير وبالتالي فإن ما كان يعتبر عزوفا سياسيا أو ضعفا للحس السياسي إنما هو في حقيقته افتقار لمؤسسات وساطة وتأطير سياسي قادرة على احتضان الشباب وتعبئتهم ومنحهم أدوارا أمامية وفاعلة. وأثارت الدبلوماسية المغربية الانتباه إلى أن من بين دروس الأحداث التي تشهدها المنطقة أيضا أن النمو الاقتصادي وحده دون بناء ديمقراطي موازي وتنمية بشرية بمعناها الواسع لا ينتج الاستقرار ولا يحتصن ضد الهشاشاة السياسية. كما أن من بين التحديات المطروحة على مستقبل الانتقال الديمقراطي في المجتمعات العربية ،تقول السيدة أخرباش،تقوية الانتماء والرابط المجتمعي على أساس المواطنة وقيم العدالة والمساواة لأن من شرط الديمقراطية الحقة "أن يتم التنوع داخل الوحدة وأن ترعى الوحدة التنوع". وتوقفت بالمناسبة عند خصوصية التجربة المغربية في مجال الانتقال الديمقراطي الذي انطلق قبل أكثر 10 سنوات وعرف محطات مهمة منذ تعيين حكومة التناوب سنة 1998 منها تجربة المملكة في مجال العدالة الانتقالية من خلال هيئة الإنصاف والمصالحة. ومن بين مميزات الانتقال الديمقراطي في المغرب،حسب السيدة أخرباش،اعتماد "منهجية الشراكة بين السلطات والمجتمع المدني في إطار تسيير وتطبيق السياسات العمومية " كما تبرز ذلك المنهجية التي اعتمدت لإصلاح مدونة الأسرة،وتمكين المرأة من خلال سياسات عمومية تفضي إلى إشراكها وتأهيلها والتعويل على قدراتها وصيانة حقوقها مما مكنها من أن تصبح فاعلا محوريا في عملية التغيير والتحديث المجتمعي . كما أكدت أن المغرب اعتبر في سياق انتقاله الديمقراطي أن الحق في التنمية وفي بيئة سليمة يأتيان على رأس الجيل الجديد من الإصلاحات التي يتعين الالتزام بها وهو ما ترجم من خلال إطلاق مبادرة التنمية البشرية لمحاربة الهشاشة والفقر والإقصاء وتعزيز الاقتصاد الاجتماعي. وأبرزت السيدة أخرباش أن التراكم الديمقراطي في المملكة عرف مؤخرا مرحلة "حاسمة" بعد أن أعلن صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطاب تاسع مارس الماضي عن إصلاح دستوري يؤسس لمرحلة جديدة من الانتقال الديمقراطي " بطموح أكبر وإشراك أوسع ومعايير توفق بين الممارسات المتقدمة والضوابط الكونية للأساليب الديمقراطية ومراعاة هوية البلاد ومكتسباتها وخصوصيتها". وأضافت أن من بين أبرز الأوراش التي سيفتحها الدستور الجديد هي الجهوية الموسعة باعتبارها أحد " روافد ترسيخ الممارسة الديمقراطية عبر عملية تجديد النخب الجهوية وإشراك واسع للمواطن في الرقابة وتسيير الشؤون المحلية"،مشيرة في السياق نفسه إلى عدد من المؤسسات التي تم إحداثها مؤخرا بهدف مواصلة البناء الديمقراطي ومنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان،ومؤسسة "الوسيط"،والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة،ومجلس المناسفة،والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان. وقد خصصت الجلسة الأولى من المنتدى الدولي حول " مسارات الانتقال الديمقراطي"،والذي يعرف مشاركة ممثلين عن عدد من مكونات المجتمع المدني المغربي،لعرض تجربتين لهذا الانتقال في أندونسيا والشيلي من طرف شخصيتين قادتا هاتين التجربيتين هما الرئيسة الشيلية السابقة والمديرة التنفيذية لهيئة الأممالمتحدة للمرأة مشيل باشليت،والرئيس الأندونيسي السابق بشار الدين يوسف حبيبي. وبالإضافة إلى استعراض تجارب للانتقال الديمقراطي في بلدان أخرى ( جنوب إفريقيا ،البرازيل ..) ستركز جلسات المنتدى الموضوعاتية على محاور "دور الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية" و"القيم وإبداء الرأي والمشاركة " و" التحولات الاقتصادية الكلية والتغلب على الفوارق الاجتماعية " و" العدالة وحقوق الإنسان و "صياغة الدساتير " و" الحكومات الانتقالية " و" بناء الائتلافات الحزبية ". وقد افتتح هذا الملتقى الذي ينظم في مصر التي تعيش مرحلة انتقالية عقب الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك بكلمة لرئيس الوزراء المصري عصام شرف أكد فيها أن بلاده تطمح في من هذه اللقاءات إلى الوقوف على الخبرات الدولية في مختلف الجوانب المرتبطة بعملية الانتقال الديمقراطي.