نظمت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وجمعية عدالة، والجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبارنسي المغرب)، اليوم الخميس بالرباط، ندوة حول "الإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد" بمشاركة فاعلين سياسيين وأكاديميين وجمعويين. ويأتي تنظيم هذه الندوة، حسب المنظمين، في إطار الحركية التي تشهدها الساحة المغربية في تفاعل مع التحولات التي تعرفها المنطقة العربية والمغاربية، وفي علاقة بالدينامية التي أطلقتها حركة 20 فبراير المتعلقة بالإصلاح السياسي والدستوري، والتي تتطلب نقاشا واسعا بين مختلف المكونات المجتمعية المعنية حول جملة من القضايا الأساسية المتعلقة بتطور وتقدم المجتمع المغربي. وفي كلمة بالمناسبة، شدد السيد محمد البقالي (نائب برلماني سابق)، على العلاقة الوطيدة التي يفترض أن تربط مؤسسة البرلمان بمحاربة الفساد، باعتبارها قطب الرحى في عملية بلورة المسار الديمقراطي. وأكد السيد البقالي على ضرورة تعزيز آليات الرقابة المخولة للبرلمان ليضطلع بدوره على أكمل وجه، داعيا إلى تمتيع المؤسسة التشريعية بالمزيد من الموارد البشرية والإمكانات المادية. كما دعا إلى تشكيل لجنة خاصة لتدقيق الحسابات تابعة للبرلمان والإسراع بإطلاق القناة البرلمانية قصد تعريف الرأي العام بالدور الهام الذي تضطلع به هذه المؤسسة، إضافة إلى تعزيز وظيفتها ليس في تشريع القوانين وحسب، وإنما تطبيقها وتقييمها أيضا". من جهته توقف الأستاذ الجامعي عز الدين أقصبي، في مداخلة بعنوان "منزلقات حماية المرتشين دستوريا" عند العوامل التي تساهم في تكريس ظاهرة الرشوة، كترسيخ الإفلات من العقاب، وغياب الشفافية والمساءلة. وقال السيد أقصبي إن " من شأن الجمع بين السلطة والمصالح الاقتصادية، والغموض في تحديد المسؤوليات على مستوى الدستور الحالي ان يزيد من تفاقم ظاهرة الرشوة"، مضيفا أن هذا الأمر كان من ضمن محفزات بروز حركة 20 فبراير التي تضع محاربة الفساد في صلب مطالبها. ودعا السيد أقصبي إلى دسترة محاربة الفساد، وجعل التعيينات منظمة بقانون يضمن الشروط المنصفة لآلياتها بشكل مقرون بعنصري المراقبة والمساءلة. من جهته، أبرز السيد عبد السلام أبو درار رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن الوظيفة التي تضطلع بها الهيئة تتمثل ،بالخصوص، في الدفع بسيرورة تخليق الحياة العامة وإيجاد منظومة وطنية للنزاهة وتقديم مقترحات قابلة للتطبيق في هذا المجال، مؤكدا في الوقت ذاته أن "الاستقلالية السياسية للهيئة لم تُمس قط، وأن الإكراهات التي تجدها هي إكراهات مرتبطة بالخصوص بالجانب المالي". وأشار السيد أبو درار إلى أن الدينامية التي تعرفها الساحة المغربية حاليا فتحت آفاقا كبيرة لتعزيز صلاحيات الهيئة، مبرزا "أننا نتدارس مسألة توسيع هذه الصلاحيات لتشمل أيضا مهمتي التحري والتصدي الذاتي لظاهرة الرشوة". وبعدما أكد أن الحد من الرشوة مهمة يجب أن يضطلع بها المجتمع بكامله، دعا السيد أبو درار إلى "الحد من كل السلطات التقديرية التي لا مبرر لها"، ومحاربة ظاهرة الاحتكارات "بلا هوادة"، وتعزيز الشفافية والمساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة. وتم خلال هذه الندوة مناقشة مواضيع أخرى تتعلق، على الخصوص، ب"الفساد السياسي ونهب المال العام"، و"الحق في الماء والإشكالات المرتبطة بالتدبير المفوض"، و"اقتصاد الريع".