شكل موضوع "مقومات الدستور الديمقراطي" محور ندوة فكرية نظمت مساء يوم الثلاثاء بالرباط بمشاركة عدد من الاساتذة المتخصصين وفعاليات سياسية وجمعوية. وتندرج هذه الندوة، التي نظمتها "جمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة" والاتحاد المحلي للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، في إطار النقاش والحركية التي تشهدها الساحة المغربية في تفاعل مع التطورات الاخيرة في المنطقة العربية. وتروم الندوة، حسب المنظمين، الاسهام في رسم معالم الاصلاحات السياسية والدستورية كأحد المداخل الكبرى للبناء الديمقراطي. وبهذه المناسبة، استعرض رئيس "جمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة" السيد عبد العزيز النويضي، من خلال الأرضية الفكرية المؤطرة لأشغال الندوة ، مختلف المحطات الدستورية التي شهدها المغرب منذ دستور 1962 مبينا "مكامن النقص" التي اعترت هذه التجارب الدستورية. واعتبر في هذا السياق أن "أسلوب التدبير السياسي الذي لا يربط ممارسة السلطة بالمحاسبة" عمق "الاختلالات الدستورية وأضعف قوة الأحزاب السياسية". ويرى السيد النويضي أن الاصلاح الدستوري "لم يعد بعد تدخل القوى الشبابية ، مطلبا يقتصر على التنظيمات التقليدية كالاحزاب السياسية والنقابات، وهو ما يفرض عليها مواكبة هذه الدينامية الشبابية". ومن جهته، تطرق الاستاذ عمر بندورو في عرض له حول "الأسس المنهجية ووسائل وضع الدساتير" إلى مكانة الدستور في المجتمعات باعتباره القانون الأسمى الذي يحدد شكل الدولة ونظامها والاطار القانوني المنظم لمختلف السلطات وطرق ممارستها معتبرا أنه بمثابة "عقد بين الحاكمين والمحكومين". وبعد أن أكد المبادئ الأساسية التي يتعين أن يتضمنها أي دستور، ومنها على الخصوص، الاقرار بأن الشعب هو مصدر السلطة، وفصل السلط، وضمان الحقوق والحريات ودولة القانون، أشار إلى أن " تغيير الدستور يعتبر بمثابة توافق جديد بين الحاكمين والمحكومين، وهو ما يستوجب ان يكون موضع توافق وأن يحظى بموافقة الشعب باعتباره صاحب السيادة". ومن جانبه، أكد الاستاذ الجامعي حسن طارق أن الخطاب الملكي ل`9 مارس "له أثر جيد ويفتح إمكانية التحول في الهندسة الدستورية التي ظلت سارية منذ 1962 لأنه يقدم مبادئ عامة ومضامين يمكن أن نحملها مضامين ديمقراطية". واعتبر أن المحاور السبع التي حددها الخطاب الملكي "تسمح بتأويل يؤسس لتحول ديمقراطي، وهو ما يتطلب من القوى المدنية والسياسية تدافعا لتحقيقه". أما الناشط الجمعوي السيد أحمد عصيد أكد من جانبه أنه يتعين على الوثقية الدستورية أن "تعيد التوازن للشخصية المغربية من خلال إقرار الثقافة واللغة الامازيغيتين باعتباراهما إرثا مشترك لكافة المغاربة"، مذكرا في هذا الصدد بتصويت عدد من المنظمات الوطنية والدولية الداعية إلى ضرورة إقرار اللغة الامازيغية. ولامست باقي التدخلات عددا من المواضيع من بينها "العلاقة بين الدين والدولة في الدستور"، و"ملاحظات عامة على الممارسة الدستورية في المغرب".