شارك الالاف من الشباب الاسبان مساء أمس الخميس بمدريد في مسيرة حاشدة للمطالبة بمستقبل أفضل وللتنديد بتقليص الحكومة الاسبانية من المكتسبات الاجتماعية. وقد شارك في هذه المظاهرة التي انطلقت في الساعة السابعة من مساء أمس من ساحة أنطون مارطين لتجوب عدد من الشوارع بالعاصمة الاسبانية حوالي ألف من الاشخاص معظمهم من الشباب حسب الشرطة وخمسة آلاف حسب المنظمين. وأفادت وسائل الاعلام الاسبانية اليوم الجمعة استنادا إلى مصادر من الشرطة بأنه تم اعتقال 13 شخصا ، من بينهم قاصر واحد ، بتهمة الاخلال بالأمن العام مشيرة إلى أن بعض المتظاهرين قاموا خلال هذه المسيرة بأعمال شغب فضلا عن قطع أحد أكبر الشوارع الرئيسية بالعاصمة. وكان المتظاهرون يحملون في مقدمة المسيرة لافتة كبيرة كتب عليها "بدون شقة ، بدون منصب شغل ، بدون تقاعد ، بدون خوف" منددين بالسياسة التي تنهجها الحكومة الاشتراكية والتي تسببت في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وخوصصة قطاع التعليم والتربية. وقد انطلقت فكرة تنظيم هذه المسيرة من الوسط الجامعي بعد أن قررت تشكيلات طلابية بالعديد من الجامعات بالعاصمة الاسبانية الانخراط في تعبئة شاملة للاحتجاج على البطالة التي يعاني منها حوالي خمسين في المائة من الشباب الاسبان ومطالبة الحكومة باتخاذ تدابير عاجلة للنهوض بتشغيل الشباب الحاملين للشهادات ومواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلاد. وحسب المنظمين فإن الطلبة في إسبانيا على غرار بلدان أخرى مثل بريطانيا واليونان وفرنسا مدعوون إلى التعبئة من أجل الاحتجاج على قوانين الشغل التي تنتهك حقوق ومستقبل الشباب والطبقة الشغيلة. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن معدل البطالة في صفوف الشباب الاسبان يبلغ 50 في المائة محذرة من مخاطر تدهور النظام التعليمي ونقص الموارد في الجامعات الاسبانية. يذكر أن العديد من الشخصيات الاسبانية من عالم السياسة والثقافة كانت قد وجهت "نداء عاجلا" إلى المواطنين الاسبان من أجل المطالبة بالتغيير. وأكدت هذه الشخصيات في وثيقة تم تقديمها مؤخرا في مدريد على ضرورة "إيقاظ وعي المواطنين الاسبان" لمواجهة وضعية تهدد "الديمقراطية والعدالة والرفاهية الاجتماعية" في إسبانيا. وفي هذا الصدد قال موقعو هذا البيان "نحن نوجه هذا النداء لأننا نعتقد أنه من العاجل إيقاظ ضمير الرأي العام من أجل أن يتعبأ الشعب - الاسباني- لتغيير الوضعية التي وصلت إليها إسبانيا". وأكدوا أنهم وجهوا هذا النداء لكونهم قلقين بشأن إمكانية "التقليص من المكتسبات الاجتماعية والديمقراطية والثقافية التي تم تحقيقها خلال الثلاثين سنة الماضية" في إسبانيا وللاحتجاج ضد الليبرالية الجديدة والرأسمالية المتوحشة التي أبانت عن محدوديتها. وأشار البيان الذي وقعه حوالي ثلاثين من الكتاب والفنانين والاكاديميين والنقابيين والسياسين أغلبهم من اليسار إلى أنه "من العاجل أن يتوحد المواطنون الاسبان لمواجهة الانتهاكات التي يعاني منها العمال والعاطلون عن العمل والمتقاعدون وأصحاب المشاريع الصغرى والمتوسطة". وأوضح الموقعون الذين رسموا صورة سوداء حول الوضعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إسبانيا أن "الديمقراطية والعدالة والرفاهية مهددة في إسبانيا حيث يتم تهميش الرأي العام وحيث لا يتم محاسبة أصحاب المال عن الاضرار المرتكبة (...) في الوقت الذي يتم فيها تمويل التدابير المتخذة للتغلب على الأزمة على حساب الضحايا أنفسهم".