اعتبر حزب الأصالة والمعاصرة الإصلاحات الدستورية محطة تستدعي التكريس الدستوري للمكتسبات التي حققتها البلاد، وتحديث الدولة وتأهيل كافة المؤسسات والهيئات للانخراط الكامل في تحصين الاختيار الديمقراطي الحداثي وكسب رهان التنمية المستدامة. وجاء في مذكرة أولية للحزب الإصلاحات الدستورية، وزعت خلال ندوة صحفية عقدت اليوم الأربعاء بالرباط، "إن الفضاء السياسي المغربي يوجد أمام لحظة تأسيسية لعقد اجتماعي وتعاقد سياسي على مضمون الوثيقة الدستورية التي أصبحت مطالبة، إلى جانب توفير الحماية للحقوق والحريات وفصل السلط واستقلال القضاء، بإرساء قواعد لتعميق الاختيارات السياسية المركزية وممارسة عقلانية للتعدد الحزبي ومقومات الحكامة المؤسساتية الناجعة والفعالة، وتحرير المبادرات الفردية، وتوسيع المشاركة الديمقراطية للمواطنين". وتقترح المذكرة، على مستوى ديباجة الدستور، تحديد انتماء المغرب الجغرافي والحضاري ل"المغرب الكبير" وإفريقيا والمنطقتين المتوسطية والعربية وإقرار الهوية المغربية ذات المكونات المتعددة والمتنوعة وفي صلبها العربية والأمازيغية باعتبارهما لغتين رسميتين للبلاد، مع الانفتاح على القيم الكونية. كما يقترح الحزب إدراج وثيقة للحقوق والحريات في الدستور تفصل الحقوق المنصوص عليها حاليا وتغنيها بمختلف أجيال حقوق الإنسان، بما في ذلك إقرار مبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب، وتجريم الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، وإلغاء عقوبة الإعدام، والحق في الولوج للمعلومات والوثائق الإدارية، وحماية الحياة الخاصة للأفراد، وتوفير شروط العيش في مجال بيئي سليم. وتعتبر المذكرة المؤسسة الملكية فاعلا محوريا في تماسك الأمة ولحمة الوحدة الوطنية والسياسية وضمان الهوية الوطنية، كما تقترح إعادة النظر في الفصل 19 بما يضمن تكريس الاختيار الديمقراطي ضمن الثوابت الوطنية التي يضمنها جلالة الملك وينسجم مع تصورات الحزب لتوزيع السلط وتحديد صلاحيات البرلمان في مجال التشريع. وعلى مستوى السلطة التنفيذية، يعتبر الحزب رئيس الحكومة مسؤولا عن عملها وعن عمل المؤسسات العمومية وشبه العمومية والوكالات والشركات الوطنية، مع التأكيد على انتفاء العضوية في الحكومة مع أية ولاية انتخابية وسقوط عضوية البرلمان في حالة تقلد منصب وزاري. كما أكد الحزب أن جلالة الملك يعين الوزراء ويعفيهم من مهامهم باقتراح من رئيس الحكومة. وعلى مستوى السلطة التشريعية، تقترح المذكرة توسيع مجال القانون وتنويع آليات الرقابة البرلمانية وتأكيد سمو مكانة مجلس النواب قياسا لمجلس المستشارين وعقد دورة واحدة عادية خلال السنة التشريعية، فضلا عن تعزيز حقوق المعارضة. في ما يخص السلطة القضائية، يقترح الحزب إقرارها كسلطة مستقلة وأن يرأس جلالة الملك المجلس الأعلى للقضاء ويعين نائبا عنه لا يكون من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، مع انفتاح المجلس على المجتمع واحترام مقاربة النوع وضمان تمثيلية كل أصناف المحاكم، ولا يحق لوزير العدل أن يكون عضوا بالمجلس. وأفردت المذكرة أيضا، بابا خاصا ب"دولة الجهات وتدعيم الديمقراطية المحلية"، ودسترة المبادئ المتحكمة في خيار الجهوية الموسعة (الوحدة، والتوازن، والتضامن، والمساواة)، وجعل العمال والولاة يمثلون الحكومة ويعملون تحت سلطتها. كما يدعو حزب الأصالة والمعاصرة للتقييد الدستوري لظاهرة الترحال، حيث لا يجوز تغيير الانتماء الحزبي خلال فترة الانتداب الانتخابي تحت طائلة فقدان الصفة الانتخابية المحصل عليها، إلى جانب الفصل بين العمل النقابي والحزبي. ويقترح الحزب أيضا إقرارا واضحا في الدستور لسمو المعاهدات الدولية على القانون، وتعزيز عمل المجلس الدستوري عبر توسيع صلاحياته للنظر في تنازع الاختصاص بين الدولة والجهات وتبسيط حق الإحالة على المجلس.