ومع/ أكد المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أن الأعمال المرتبطة باستكمال التحريات حول الملفات التي بقيت عالقة والتي قامت بها لجنة تنسيق أشغال المجلس،اندرجت ضمن المهام الاستعجالية القصوى بالنظر لطبيعتها ورهاناتها في إطار صيرورة استكمال طي صفحة الماضي. وأوضح المجلس خلال ندوة صحفية عقدت اليوم الخميس بالرباط تم خلالها تقديم تقرير متابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة،أن الأعمال التي قامت بها اللجنة تتمثل بالنسبة للجانب الاجتماعي في استكمال أعمال التحريات قصد تحديد ظروف الوفاة وبعض أماكن الدفن المحتملة،وتيسير اتصال عائلات الضحايا المتوفين بالنيابة العامة في الحالات التي تستدعي تدخل هذه الأخيرة قصد تحديد هويات الضحايا والاتصال بالعائلات وإخبارها بالنتائج المتوصل إليها والمساعدة على تنظيم المراسيم والشعائر الدينية والمساعدة على حل المشاكل القانونية والإدارية المترتبة عن الوفاة. أما بالنسبة لمجهولي المصير ،فتتمثل هذه الأعمال في استكمال التحريات قصد تحديد مصير هؤلاء والاتصال بالعائلات وإخبارها بالنتائج المتوصل إليها وإصدار مقررات تحكيمية تتضمن ما تم التوصل إليه بخصوص تحديد المصير،وتوصية تتعلق بالإجراءات التي يجب اتخاذها لحل المشاكل القانونية المترتبة عن الوفاة والمساعدة على تنظيم المراسيم والشعائر الدينية في حالة الوفاة. وبخصوص المتوفين بمراكز الاحتجاز،فقد تم استكمال تحديد باقي أماكن الدفن والاتصال بالعائلات وإخبارها بالنتائج المتوصل إليها،والمساعدة على تنظيم المراسيم والشعائر الدينية والمساعدة على حل المشاكل القانونية والإدارية المترتبة عن الوفاة. وأوضح المجلس أن اللجنة قامت أيضا باستكمال التحريات المنجزة من لدن هيئة الإنصاف والمصالحة،وخاصة الجوانب الإدارية والتقنية المتعلقة بدراسة الملفات المرتبطة بأعمال التحريات،وذلك على ضوء أجوبة السلطات العمومية التي توصلت بها هيئة الإنصاف والمصالحة يوما قبل انتهاء ولايتها والتي تهم عددا مهما من الحالات العالقة،التي سبق للهيئة أن صنفتها في تقريرها الختامي ضمن 66 حالة. كما تولت تحليل وتصنيف الطلبات موضوع الكشف عن المصير الواردة على المجلس بعد انتهاء ولاية هيئة الإنصاف والمصالحة وإعداد تقارير فردية موجزة عن أعمال التحريات بالنسبة للملفات التي استوفيت فيها عناصر البحث والتحري وإدخال النتائج والخلاصات والقرارات المتخذة بخصوص كل ملف إلى قاعدة البيانات وإحالة الملفات التي تدخل ضمن اختصاصات هيئة الإنصاف والمصالحة،والتي لم يسبق للهيئة أن بتت في المطالب الواردة فيها المرتبطة بجبر باقي الأضرار إلى اللجنة المكلفة بالموضوع. وقد توخت هذه المهام استكمال التحريات التي كانت قد شرعت الهيئة في القيام بها دون أن يتأتى لها إنهاؤها بسبب صعوبات موضوعية ترجع أساسا إلى ضيق المدة الزمنية المخصصة لأشغالها وضعف المعطيات والمعلومات الخاصة ببعض الحالات التي تعود إلى عهد بعيد. وبالإضافة إلى اعتماد نفس المنهجية التي اتبعتها هيئة الإنصاف والمصالحة،لجأت لجنة المتابعة إلى الاستعانة بالنيابة العامة لإصدار أوامرها للجهات المختصة،قصد استخراج الرفات من المدافن التي كشفت عنها تحريات الهيئة أو لجنة المتابعة،للتعرف على هويات أصحابها وتأكيد أو نفي ما تم التوصل إليه بهذا الشأن. كما قامت اللجنة في بعض الحالات المعقدة،التي تطلبت منها زيادة على تطوير المنهجية،مرافقة العائلات المعنية إلى أماكن الاحتجاز واستخراج الرفات بحضورها،وإحضار من قام بالدفن شخصيا أمام العائلة لتقديم شهادته. وتم كذلك إعداد تقارير فردية موجزة عن التحريات بخصوص الحالات المصنفة على وجه العموم ضمن الاختفاء القسري ومجهولي المصير. وقد مكن كل ذلك من التوصل إلى نتائج هامة من قبيل ترسيخ ثقة العائلات واقتناعها بالمجهودات المبذولة للكشف عن الحقيقة،وتحسيس مسؤولين شباب في مصالح مختلفة تابعة لأجهزة الدولة،إبان عمليات استخراج الرفات. ومن جهة أخرى،ذكر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بأن اللجنة عملت على الاتصال والتواصل مع الأطراف المعنية بالتحريات،حيث اتصلت في هذا الصدد بشكل متواصل مع السلطات العمومية وخاصة مع وزارة العدل وممثلي الأجهزة الأمنية. وقد مكنت هذه الاتصالات من الاستماع أو إعادة الاستماع لعدد من المسؤولين والحراس السابقين بأماكن الاعتقال السري والاحتجاز والقيمين على المقابر وحفار القبور وغيرهم،والحصول على معلومات دقيقة تهم أماكن دفن ضحايا تأكدت وفاتهم أثناء الإعتقال التعسفي في مراكز تعرفت الهيئة على معظمها وتأكدت من تاريخ وفاة البعض منهم دون أن تتعرف بدقة على قبور معظمهم،وكذا الاستماع إلى الحراس السابقين بمعتقل تازمامارت قصد معرفة المنهجية التي كانت متبعة في دفن الضحايا بالساحة المجاورة للمعتقل. وتم أيضا الاستفسار حول بعض ما ورد في أجوبة السلطات بخصوص بعض الحالات العالقة التي صنفها التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة ضمن 66 حالة (مجهولي المصير). وقد عمدت لجنة المتابعة إلى إنشاء بنية إدارية خاصة باستقبال عائلات مجهولي المصير وعائلات الضحايا الذين تأكدت وفاتهم خلال الأحداث الاجتماعية أو أثناء الاحتجاز. وتم الحرص على إبلاغ العائلات بنتائج وخلاصات التحريات المجراة،والتشاور معها في إطار من الشفافية والمشاركة في تدبير المواقف،وإشعارها بالخطوات المزمع اتباعها قبل إغلاق الملف. كما قامت اللجنة بزيارة بعض العائلات بمقرات سكناها وعقد اجتماعات معها أو مع الجمعيات الممثلة لها بمقر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قصد التداول في الخطوات والاقتراحات التي تتقدم بها العائلات. ونظمت اللجنة أيضا زيارات منتظمة للمدافن المؤكدة أو المحتملة التي اشتغلت عليها هيئة الإنصاف والمصالح من أجل تأكيد ما توصلت إليه الهيئة أو لمزيد من التحقق من دفن أشخاص بها ثبتت وفاتهم دون أن يتبين مصير جثامينهم،إما بسبب الملابسات المحيطة بوفاتهم وظروفها أو لأن السلطات سحبت الجثث إلى وجهة مجهولة أو احتفظت بها وامتنعت عن تسليمها لذويها. وواصلت اللجنة أيضا أعمال التحريات بالنسبة للحالات التي لم يتم فيها تحديد أماكن الدفن أو التي لم يتأت فيها معرفة هوية أصحابها،وقد وجدت اللجنة نفسها،وهي تباشر أعمال التحريات،أمام مجموعات من القبور يصعب فرز هويات الأشخاص المدفونين فيها عن بعضهم البعض بالرغم من حصر عددهم و ثبوت هوياتهم وانتسابهم إلى نفس المجموعة،فكان لابد من اتباع تقنيات أخذ العينات وإجراء تحليلات الحمض النووي عليها ومقارنتها مع العناصر الجينية للأقارب،بما يقتضيه ذلك من إخراج الجثة من القبر وإعادة دفنها بعد أخذ نماذج معيارية من العينات. وقد اعتمدت اللجنة الخبرة العلمية للتأكد مما توصلت إليه التحريات من نتائج تهم تحديد الهوية،بخصوص الحالات التي أصرت فيها العائلات على ذلك. وبلغ مجموع الرفات المستخرجة 181 رفاتا لضحايا أحداث يونيو 1981 بالدار البيضاء (80 رفاتا) وضحايا أحداث يناير 1984 بالناظور (16 رفاتا) و (80 رفاتا) لضحايا الاختفاء القسري بالإضافة إلى 5 حالات فردية. وأكدت اللجنة أن الأعمال المنجزة من لدن لجنة المتابعة في سياق التحريات تعد استكمالا لأعمال هيئة الإنصاف والمصالحة،بكل ما تنطوي عليه كلمة "استكمال" من مواصلة وتدقيق وتطوير وإعمال للتصورات،مذكرة في هذا الصدد بما قامت به الهيئة من أعمال وما توصلت إليه من نتائج في مجال التحريات.