تحل غدا الأربعاء الذكرى الأولى لإعلان اليوم العربي لحقوق الإنسان، ومناطق عربية عدة تعيش ظروفا استثنائية غير مسبوقة هزت أركان بعض الأنظمة تحت ضغط الشارع المطالب بالانفتاح واحترام حقوق الإنسان في مضامينها الواسعة. وقد أقرت الأمانة العامة للجامعة العربية اعتماد 16 مارس من كل عام يوما عربيا لحقوق الإنسان، بناءا على توصية من اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان في اجتماعها خلال الدورة العادية ال29 بالقاهرة أواخر يونيو 2010. وبرأي حقوقيين، فإن حالة حقوق الإنسان في العالم العربي تحتاج من هذه اللجنة إلى أكثر من مجرد إقرار يوم عربي لحقوق الإنسان، بل إلى آليات لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان وإقرار الحقوق المعترف بها في المواثيق الوطنية وضمان تمتع المواطنين بممارستها ومحاسبة منتهكيها. وتعتبر منظمات حقوقية عربية ودولية أن موجة الاحتجاجات في بعض الدول العربية تضع من جديد على المحك التعامل في ميدان حقوق الإنسان وممارساتها في مواجهة التظاهرات السلمية، على اعتبار أن أحداث ما يسمى ب"الربيع العربي" الذي تعرفه المنطقة أفضى إلى سقوط قتلى وجرحى بين المتظاهرين، وحل مصالح الاستخبارات في بعض الدول التي اتهمت بعدم احترامها للحريات وحقوق الإنسان. في سياق متصل يؤكد التقرير السنوي 2009 /2010 للمنظمة العربية لحقوق الإنسان أن البلدان العربية بصفة عامة لم تراجع سياساتها واستراتيجياتها تجاه حقوق الإنسان على ضوء المتغيرات، بل بادرت إلى تعزيز سياساتها السابقة وتفضيل المقاربة الأمنية على الحريات المدنية والسياسية والتراجع عن الإصلاحات السياسية المحدودة التي أدخلتها على تشريعاتها ونظمها، وتعللت بالأزمات المالية والاقتصادية للتحلل من البرامج والسياسات الاجتماعية بأكثر مما تأثرت قدراتها من هذه الأزمات. + المغرب واليوم العربي لحقوق الإنسان + وعيا منه بضرورة ترقية وحماية حقوق الإنسان، انخرط المغرب منذ التسعينات في مسلسل الإصلاحات والنهوض بهذا القطاع حيث رخص للعديد من الجمعيات الحقوقية وأحدث وزارة خاصة بحقوق الإنسان ومنتديات ولجان إنصاف ومصالحة وكذا مجالس للدفاع عن حقوق الإنسان تصب في نفس الاتجاه. كما اعتمد في أبريل 2008 خطة عمل وطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان 2011 -2016 طبقا لتوصيات مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان المنعقد سنة 1993. (يتبع) واعتبر المغرب هذه الخطة بمثابة ورش وطني جماعي يعتمد المقاربة التشاركية، ويجسد التزاما رسميا للحكومة، ينبع من إرادة سياسية تتوخى البحث المستمر عن آليات مستدامة لترسيخ أسس دولة الحق والقانون، وتعزيز مسلسل الإصلاح والدمقرطة. وتضم أسس الخطة محور الحكامة والديمقراطية الذي يركز أساسا على مبادئ احترام حقوق الإنسان والمساواة وتكافؤ الفرص (...)، ومحور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الذي يعطي الأولوية للتربية والحقوق الثقافية واللغوية والصحة والشغل والسكن والبيئة من خلال السعي إلى الارتكاز على مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والتضامن وطرق الحكامة الجيدة، وكذا محوري حماية الحقوق الفئوية والنهوض بها، ومحور الإطار القانوني والمؤسساتي. وفي إطار ترقية حقوق الإنسان، أحدث المغرب بداية الشهر الجاري مجلسا وطنيا لحقوق الإنسان حل محل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. ويتميز المجلس الجديد باعتماد آليات جهوية للدفاع عن حقوق الإنسان وصيانتها في تنظيمه وممارسته اختصاصه. وضمن مسلسل مواصلة الإصلاحات، أعلن صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 9 مارس الماضي عن تعديل دستوري شامل يستند من بين ما يصبو إليه إلى ترسيخ دولة الحق والقانون والمؤسسات وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والثقافية والبيئية. وتهدف الجامعة العربية من خلال الاحتفاء بهذا اليوم إلى تفعيل الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وتعزيز ثقافة هذه الحقوق والتوعية بأهميتها ونشرها في العالم العربي فضلا عن وضع خطط استرشادية. وحسب البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان في القاهرة، فإن إقرار الأمانة العامة للجامعة العربية لليوم العربي لحقوق الإنسان يمثل قفزة نوعية وتغييرا كبيرا على المستوى العربي الرسمي الذي لم يكن يؤمن بالخطاب الحقوقي على وجه الخصوص، موضحا أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي اعتمده مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في ماي 2004 "لا يتضمن آليات حقيقية وفاعلة لحماية الحقوق والحريات في العالم العربي".