التأمت ثلة من النساء المثقفات والمبدعات في مجال الأدب حول ملتقى تاء التأنيث للإبداع النسائي في دورته الثامنة بسلا لرصد تجليات حضور مقاربة النوع في الكتابة والإبداع الأدبي بصيغة المؤنث. واستعرضت المبدعات خلال هذا الملتقى، الذي نظمته جمعية أبي رقراق تحت شعار "إبداع النوع أم نوع الإبداع" ، شهادات ونماذج أدبية تناولن خلالها الإرهاصات الأولى لإبداعات المرأة ومفهوم مقاربة النوع وكذا مختلف التحولات التي ميزت واقع المرأة بالمغرب ومراحل ولوجها مجال الفكر والمعرفة. واعتبرت الناقدة الأدبية والأستاذة الجامعية رشيدة بنمسعود في مداخلة بعنوان "المرأة والإبداع" أن مقاربة النوع جاءت في إطار صيرورة تتمثل في أن الحركة النسائية المغربية انتقلت من المطالبة بالتحرر من الموروث التقليدي إلى المطالبة بالمساواة ومعالجة القوانين التي تمكنها من الانخراط في مشروع التنمية والبناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وأشارت إلى أن المرأة المغربية تمكنت، بعد معاناة من التهميش والإقصاء في مجال الإبداع وسلطة الكلمة، من التفاعل مع التحولات التي عرفها الواقع النسائي حيث دخلت مجال المعرفة وأصبحت منتجة بالفكر والأدب محققة بذلك تراكما معرفيا في مجال قضايا النساء والمجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لتصبح سندا ومرجعا فكريا للحركة النسائية بالمغرب. واستعرضت السيدة بنمسعود نماذج من ذكاء ومكر وحيل نسائية تدل على إبداع المرأة تاريخيا أبرزها نموذج الأسطورة الإغريقية "بينيلوبا" وحكاية شهريار وشهرزاد في ألف ليلة وليلة ، مؤكدة أن الإرهاصات الأولى لإبداعات المرأة تتمظهر في نزوعها نحو الإبداع وأنها مبدعة بالفطرة منذ عصور قديمة. وتروي الأسطورة الإغريقية "بينيلوبا" أنه عندما غاب عنها زوحها الملك "أوليس" أصبحت هذه الأخيرة محط اهتمام العديد من رجال المملكة فأبدعت حيلة إبداعية تقيها من أطماع هؤلاء الرجال تتمثل في اختيارها لفكرة الحياكة حيث تقوم بنسج الخيوط طول النهار وبفكها طول الليل لكي تؤجل فعل امتلاكها من طرف هؤلاء الرجال. أما حكاية ألف ليلة وليلة فتجسد أيضا قمة الإبداعات النسائية عن طريق الحكي، إذ تروي هذه الحكاية أن شهريار كان يقتل كل النساء، معتبرا أن الزوجة تخون زوجها بالفطرة والسليقة، ولكي تخلص شهرزاد بنات جنسها من عملية القتل هذه ستعمد إلى الحكي وإبداع حكايات كل ليلة لغواية شهريار. ومن جهتها، أكدت السيدة عائشة بلعربي، أستاذة جامعية، في مداخلة حول "المرأة ومقاربة النوع" أنه ما زالت هناك ممارسات اجتماعية تمييزية بين الرجل والمرأة تكرس نظرية أن الرجل يحمل "الفكر المجرد" والمرأة تحمل "الفكر العملي"، مبرزة أهمية الانخراط في المساهمة في الإصلاحات الدستورية للإقرار بالمساواة بين الجنسين. وثمنت المشاركات بالمناسبة، الإصلاحات الدستورية التي أعلن عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه الأخير، مشيرين إلى أنه خطاب "جريء" يظهر العناية السامية التي يوليها جلالته لأفراد شعبه وكذا اهتمام جلالته بالمرأة المغربية وحقوقها. وتميز هذا اللقاء بتكريم الفنانة التشكيلية المرحومة فاطمة حسن الفروج، التي توفيت في يناير الماضي عن 64 سنة. وعرف عن هذه الفنانة التشكيلية العصامية، التي ولدت بمدينة تطوان، بإبداعها الفطري في مجال الفن التشكيلي وشاركت في عدة معارض تشكيلية بالمغرب وخارجه وتم تكريمها سنة 2008 بتطوان خلال مهرجان "أصوات نسائية". كما تم بالمناسبة، توزيع جوائز وشواهد تقديرية على نساء مبدعات شاركن في هذا الملتقى.