اعتبر الاستاذ الحسان بوقنطار أن الخطاب الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى الأمة أمس الأربعاء، "شكل لحظة استثنائية في التطور الدستوري والسياسي للمغرب" كما أنه "يعكس في العمق التفاعل العضوي بين الملكية كإحدى توابث البلاد ومكونات المجتمع". وقال السيد بوقنطار، عضو الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ،في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء، إن جلالة الملك عبر من خلال هذا الخطاب عن "إنصات عميق إلى نبض المجتمع والاستجابة لمطالبه المشروعة في الاصلاح" وهو بذلك ،يضيف السيد بوقنطار، يعبر عن الخصوصية المغربية التي تتمثل في القدرة على الاستجابة للمطالب والتفاعل مع التطورات التي نتجت عن المحيط الداخلي والاقليمي. ويرى السيد بوقنطار أن هذه الخاصيات ينبغي استثمارها باستمرار لأنها تشكل ميزة أساسية ينفرد بها المغرب عن باقي الدول من حيث إذكاء ثقافة الحوار والتفاعل مع مختلف المطالب. ومن حيث المضمون، أبرز أن جلالة الملك دعا في خطابه السامي الى إصلاح دستوري شامل يعيد في العمق، "صياغة الهندسة الدستورية بالمغرب ارتكازا على محرين أسايين يتوخى الأول إصلاح الحكامة الترابية على أساس الاهمية البالغة التي تكتسيها اليوم الديمقراطية المحلية كرافعة للتنمية". واوضح السيد بوقنطار أن الاصلاح على هذا المستوى، يتجلى من خلال دسترة الجهة وتوسيع صلاحيات رؤساء المجالس الجهوية الذين اصبحت لهم اختصاصات تنفيذية فعلية وفي نفس السياق إعادة النظر في تركيبة مجلس المستشارين واختصاصاته حتى يستجيب للتحول الذي تمثل في إحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي ضم ممثلي النقابات المختلفة. أما المحور الثاني فيتمثل حسب السيد بوقنطار، في ترسيخ مرتكزات دولة الحق والقانون وذلك من خلال تعميق الضمانات المرتبطة بحقوق الانسان في شموليتها، ويتمثل ذلك في دسترة توصيات هيئة الانصاف والمصالحة وإعطاء مكانة دستورية للامازيغية، وكذلك ترسيخ مبدأ فصل السلط من خلال إعطاء الحكومة موقعا دستوريا بجعلها أداة ناجعة لتحمل المسؤولية المنوطة بها كجزء من السلطة التنفيذية. ويتمثل ذلك بالاساس في دسترة مجلس الحكومة وتعيين الوزير الاول من الحزب الذي حصل على أول رتبة في الانتخابات التشريعية. وفي نفس السياق، يستطرد السيد بوقنطار، فإنه من المنتظر أن يعرف البرلمان تغييرات على مستوى التراتبية حيث إن مجلس النواب كغرفة اولى ستكون له اختصاصات تناسب مكانته كهيئة منبثقة من الاقتراع العام المباشر خلافا لمجلس المستشارين الذي ينتخب فقط بالاقتراع غير المباشر. كما أن أجهزة الرقابة سيتم تدعيمها، ويتعلق الامر بالقضاء الذي سيصبح سلطة مستقلة طبقا لمبدأ فصل السلط وكذلك المجلس الدستوري الذي يسهر على دستورية القوانين والذي ستتوسع اختصاصاته. وشدد السيد بوقنطار على أن الافكار التي تضمنها الخطاب الملكي، والتي اندرجت ضمن إصلاح دستوري شامل، سيتم بلورتها وتعميقها من خلال اللجنة الخاصة بذلك والتي ستتولى وضع مشروعها بعد الاستماع الى القوى الحية في البلاد. وخلص الى أن هذا الاصلاح المرتقب، علاوة على مساهمته في تعميق المشروع الدمقراطي الحداثي الذي تبناه جلالة الملك منذ تربعه على العرش، فإنه يطرح تحديات جديدة على الحقل السياسي والمجتمع برمته، مؤكدا أن "هذه التحولات المرتقبة تتطلب في العمق وجود أحزاب سياسية متفاعلة بنفس القوة ومستعدة للقيام بإصلاحات داخلها من خلال العمل على اعادة الاعتبار للسياسة والسياسي وخلق نخب مشبعة بثقافة المصلحة العامة ونكران الذات".