يحفل المشهد الشعري المغربي بأسماء نسائية برعت في تقديم أعمال متميزة بلغة حية ترفض الانصياع لما هو تقليدي وسائد، في تطلع دائم إلى تجاوز كل ما هو عادي ومألوف. مبدعات تعرف عليهن القارئ من خلال قصائد تشك أحيانا وتسائل وتتمرد أحيانا أخرى، واكتشف أن لكل واحدة منهن عالمها ونبرتها الخاصة، كما أدرك أنهن في حالة عشق دائم للكلمة ليقدمن له بسخاء عذب الكلام المرصع بالكثير من الجمال والإبداع. ولأنهن استشعرن في قصائدهن قضايا المرأة وجعلناها في كثير من الأحيان مادة لإبداعاتهن، فإن اليوم العالمي للمرأة الذي يحتفل به العالم غدا، يبقى مناسبة ملائمة لاستحضار عطاء شاعرات مغربيات أخذن من رحيق الحروف لنسج قصائد تقتنص اللحظة وتفلسف المعيش اليومي. فالشعر كغيره من الأجناس الأدبية متنفس للتعبير، وبإمكانه أن يقوم بأدوار طلائعية في الحياة ومنها خدمة قضايا المرأة، تقول الشاعرة زبيدة الخواتري في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، معتبرة أن الكلمة الموزونة الصادقة النابعة من الأعماق تصل إلى القلب وبالتالي لها مفعولها الإيجابي في نصرة الإنسان سواء كان امرأة أو رجل. وترى صاحبة ديوني "مساءات" و"حضور"، أنه لا ينبغي أن تقف المرأة في يومها العالمي عند الهتاف والتصفيق، بل عليها أن تحاكي معاناة النساء المضطهدات، فالمناسبة، في نظرها، فرصة للاحتفاء بالمرأة التي هي نصف المجتمع وتربي النصف الآخر، وإن كانت لا تحتاج فقط ليوم واحد للاحتفال بها بل لأيام متعددة للتعبير على مكانة المرأة الأم والزوجة والأخت والإبنة. وأوضحت الشاعرة والإعلامية زبيدة الخواثري أن لحظة الكتابة هي دائما مباغتة لا تدري في أي وقت أو مكان يمكن أن تأتي، كما أنها لا ترتبط لديها بطقوس معينة بقدر ما ترتبط بحبها للقلم وللكتابة، مبرزة أن الشاعر بشكل عام في لحظة الإبداع يكون كالشمعة التي تحترق لتضيء ما حولها. ويعد اليوم العالمي للمرأة مناسبة أيضا لتنظيم مجموعة من الأنشطة احتفاء بالمرأة من خلال استحضار تجارب مبدعات مغربيات لهن حضور وتراكم في مجال الشعر كمليكة العاصمي ووفاء العمراني وثريا ماجدولين وأمينة المريني ووداد بنموسى وعائشة البصري وفاطمة الزهراء بنيس وفاتحة مورشيد، واللائحة طويلة لشاعرات أكدن قدرة المرأة المغربية على المشاركة في الإبداع وتبادل البوح والأمل عبر الأبيات. مبدعات يجمع بينهن ألق الموهبة الشعرية والإحساس المرهف وسعة الخيال ومخزون لغوي وتعبيري كبير، ليؤكدن في كل مناسبة أن قصائدهن تتلألأ بصدق المشاعر والكلمات. وتجمع بينهن كذلك مساهمتهن إلى جانب شاعرات عربيات أخريات انخرطن في لعبة الشعر، في إخراج النساء من شرنقة الصمت والتعبير عن أفكارهن ومشاعرهن وتحويلها من مجرد موضوع ومصدر إلهام للإبداع إلى مبدعات ومنتجات للخطاب الإبداعي. والمساهمة في تطوير الشعر بصيغة المؤنث، إيمانا منهن بأن دوره سيظل قائما ولن يتنازل عن موقعه مادامت قصائدهن تنطوي على جرأة في البوح والتعبير. وفضلا عن ذلك، نجد البعض منهن لم يحصر مجال اهتماماته فقط في تخوم الشعر، بل اقتحم مجالات أخرى كالسياسية والاقتصاد والإعلام والفن التشكيلي، فالنساء المبدعات نهر عطاء لا ينضب في مختلف الميادين.