تواجه كينيا خطر الانزلاق نحو أزمة سياسية جديدة، بعد فشل طرفي الائتلاف الحكومي، الذي تشكل سنة 2008، في التوصل إلى توافق حول التعيينات التي قام بها رئيس الجمهورية في مناصب قضائية ورفضها رئيس الوزراء. وفي إطار تفعيل الدستور الجديد، قام الرئيس الكيني مواي كيباكي الشهر الماضي بتعيين النشير فيسرام في منصب رئيس المحكمة العليا، وغيتي مويغاي في منصب المدعي العام، وكيوكو كيليكومي مدير المتابعات الجنائية، ووليام كيروا مراقبا عاما للميزانية. ومباشرة بعد الإعلان عن هذه التعيينات بدأ الجدل داخل الطبقة السياسية واشتدت المواجهة بين الرئيس كيباكي ورئيس الوزراء رايلا أودينغا الذي أكد أنه لم يتم التشاور معه بشأن هذه الموضوع. ورفعت القضية، بعد الحكم الأولي الصادر عن المحكمة العليا في نيروبي والذي أقر "بعدم دستورية" هذه التعيينات، أمام البرلمان، والتي وصفها رئيسه كينيث ماروند "بغير الدستورية"، مؤكدا أن "المرأة كانت ضحية التمييز". + هشاشة اتفاق اقتسام السلطة + من جهته، حرص الرئيس الكيني على التأكيد أنه يتصرف في إطار ولايته الدستورية. وقال كيباكي في كلمة مقتضبة بعد رفض البرلمان هذه الترشيحات "إنه بهذه التعيينات التي ستنظر فيها الجمعية الوطنية، أكون قد تصرفت وفقا لما يخوله الدستور". وبعد أن دافع الرئيس الكيني عن هذه التعيينات، رفع القضية أمام المحكمة الدستورية، التي من المنتظر أن تفصل في ثاني مارس المقبل في هذه القضية، التي كشفت عن هشاشة اتفاق تقاسم السلطة بين مواي كيباكي ورايلا أودينغا، في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2007. وحسب العديد من المراقبين، فإن رد فعل شريكي الائتلاف الحكومي في هذا الصدد لم يكن غير متوقع تماما ويعزز المخاوف من حدوث أزمة دستورية، وخاصة مع رحيل رئيس المحكمة العليا ايفان غيشوري في 27 فبراير الجاري. وفي الوقت الذي أكد فيه أعضاء من حزب رئيس الوزراء، الحركة الديمقراطية البرتقالية، على "عدم دستورية " هذه التعيينات ، قال أعضاء من حزب الوحدة الوطنية إن القضية لم تنته بعد ، ووعدوا بمعركة شرسة أمام المحكمة الدستورية. واستبعد الرئيس كيباكي، في هذا السياق، أي تفاوض مع رئيس الوزراء حول قائمة جديدة للتعيينات، حتى تبث المحكمة الدستورية بشأن تلك المتنازع حولها. + تفعيل الدستور ينتقل الى صراع حزبي + أما بالنسبة للمواطنين الكينيين فيرون أن مسلسل الصراع بين الحزبين حول التعيينات، الذي لا نهاية له، يشير إلى تعنت قادتهم ، مذكرين إياهم بأعمال العنف التي أعقبت الانتخابات والتي خلفت آلاف القتلى والمشردين. كما أنهم عبروا عن خيبة أملهم كون تفعيل الدستور الجديد، عبر هذه التعيينات، انتقل الى صراع بسيط بين حزبين سياسين وإلى التنافس على تعبئة الانصار في البرلمان أو في التجمعات، في تجاهل لتطلعات الكينيين الذين يرغبون العيش في جو يسوده الأمن والديمقراطية والاستقرار. وحسب منظمات المجتمع المدني "فإن الجدل الدائر حول هذه التعيينات المثيرة للجدل يشير الى أن هاجس معظم سياسيينا هو تحقيق مصالحهم، وأنهم يتجاهلون الاهداف والمصالح الوطنية ". وهذا ما دفع هذه المنظمات إلى توجيه الدعوة إلى تحكيم العقل والرصانة لدعم روح التوافق وتجاوز المأزق السياسي الذي تشهده البلاد. ومن جانبها، دعت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي أمس الاثنين الزعماء الكينيين إلى إيجاد حل للازمة السياسية التي تهدد الائتلاف الحكومي.