تبدأ كينيا عهدها الجديد بطي صفحة حكم الرئيس السابق دانيال أرا? موي DANIEL ARAP MOI الذي سلم يوم الإثنين 30دجنبر الحكم إلى الرئيس الجديد مواي كيباكي MWAI KIBAKI. ويتقاعد أرا? موي بعد مرور 24 سنة من حكمه لكينيا بيد من حديد عن عمر يناهز 78 سنة بعد حقبة اتسمت بسلطة ديكتاتورية عانى معها الشعب الكيني منذ سنة 1978، حيث أصبحت كينيا مصنفة ضمن الدول الأكثر فقرا في العالم (بعد أن سجلت في سنة 1970 معدل نمو اقتصادي قدر ب 8%) مع ما صاحب ذلك من تفش لمظاهر الفساد المالي والإداري، وارتفاع نسبة البطالة وكذا انتشار الجريمة المنظمة، وعلى المستوى السياسي حرص أراب موي على تهميش والتخلص من جل معارضيه في الجيش خاصة، بعد الانقلاب الفاشل ضده في سنة 1982. وهناك من يتهمه بالضلوع في عملية اغتيال وزير خارجيته السابق روبير أوكو ROBERT OUKOU سنة 1980. أمام الضغوطات الأجنبية وخاصة الصادرة منها عن المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال، لم يكن أمام الرئيس آنذاك بد من الانخراط في المسلسل الديمقراطي كجزء من الإصلاح السياسي وهكذا فتح الباب أمام التعددية السياسية سنة 1991. إلا أن عمليات التضييق والتهميش التي مارستها إدارة أراب موي ساهمت في عدم خلق معارضة قوية وفاعلة في الواقع مما جعله يفوز بالرئاسة خلال دورتي 1992 و1997. ونظرا لأن التشريع الكيني يمنعه من الترشح لولاية ثالثة، رشح أوهورو كينياتا UHURU KENYATA (41 سنة) حيث ذهب أراب موي إلى حد فرضه على قيادة الحزب الحاكم (الاتحاد الوطني الإفريقي الكيني) محدثا بذلك شقاقا كان من أسباب التعجيل بهزيمة هذا الأخير في الانتخابات. وأهورو كنياتا عضو فاعل في حزب كانوا بالإضافة إلى كونه ابن أول رئيس لكينيا بعد الاستقلال (1962) جومو كينياتا. لكن هذه الأسباب لم تكن كافية لإقناع معارضيه داخل الحزب بجدوى ترشيحه وتقدمه خصوصا على من أكبر منه سنا. أما كيباكي مواي فقد عاش حياته المهنية في خدمة الحزب والسلطة المحلية. وبعد انخراط البلاد في المسلسل الديمقراطي تحول إلى المعارضة داخل حزب التحالف الوطني لقوس قزح (NARC) مارك، الحزب الفائز بانتخابات دجنبر 2002. وقد اعتبر المراقبون هذا الفوز أول هزيمة يمنى بها الاتحاد الوطني الإفريقي الكيني منذ استقلال كينيا عن بريطانيا سنة 1963. وقد ورد في تقرير لمنظمة العفو الدولية حول سير الانتخابات ملاحظة وجود حوادث متفرقة، ولكنها تبقى ضعيفة التأثير وبعيدة عن الأجواء المشحونة التي سادت انتخابات 1992 و1997. تبقى هذه الانتخابات حسب جل المراقبين أكثر حرية ونزاهة من سابقاتها وبعد اعتراف أوهورو كينياتا بهزيمته في الانتخابات، أمام كيباكي مواي، صرح هذا الأخير في مؤتمر صحفي تشبته بالنقط الرئيسية لبرنامجه السياسي، والتي يشترك فيها مع باقي المرشحين، وهي القضاء على الفساد وفتح أوراش إصلاح اقتصادي واجتماعي وسياسي، وقد أكد على ضرورة إنشاء إدارة أكثر كفاءة وفاعلية وذلك بالبدء بأعضاء حكومته الوزراء من خلال فرض تصريح بالممتلكات عند تشكيل الحكومة بعد أيام قليلة، يقول: ستكون الأولوية في المقام الأول للتصدي للفساد وسنبدأ بأنفسنا كزعماء بالإعلان عن ثرواتنا. وبمجرد انعقاد البرلمان سنقترح ونقر القانون الذي يؤسس هيئة لمكافحة الفساد.< كما أعلن أن الحكومة القادمة ستكون ذات قاعدة عريضة تمثل معظم الشرائح العرقية والدينية المكونة للمجتمع الكيني، وستكون الأولوية لتحقيق استقرار للعملة والاقتصاد ووعد بإرساء قواعد تعليم أساسي إجباري ومجاني وظروف سكنية أفضل، ومياه صالحة للشرب. ومن أصداء هذا الفوز تسجيل العديد من المراقبين ارتياحهم للأجواء التي جرت فيها الانتخابات، كما رحبت بنتائجها العديد من الدول وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، واعتبرتها إيجابية لكينيا وللعلاقات الكينية الأمريكية. ويبقى السؤال المطروح هو هل سيستطيع الرئيس الجديد إخراج البلاد من وضعية الفقر والتخلف التي تعيشها، وبالتالي الحفاظ على مكتسبات هذا الانتقال الديمقراطي النادر في إفريقيا؟ والواقع أن وفاء الرئيس الحالي بالتزاماته يظل أمرا صعبا بالنظر إلى التحديات المطروحة أمامه، فالوضع الداخلي المتردي اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا مرتبط بمصالح المهيمنين اقتصاديا على البلاد من الداخل والخارج. ثم التحدي الأمني الذي يجعل ضمان السلم والتوازن بين كل المكونات العرقية والدينية أمرا يتطلب كثيرا من الحنكة والموضوعية في التعامل معها. أم أميمة