أكدت الأحداث التي جرت بتونس، مؤخرا، أن تأهيل المشهد الثقافي حاضر، وبقوة، ضمن المطالب المستعجلة للمثقفين التونسيين الذين استبشروا خيرا بنتائج ثورة "الياسمين"، التي ستنعكس إيجابا على مجمل إبداعاتهم وأعمالهم الأدبية والفكرية. وأكد ناشرون من تونس، التي تشارك في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء الذي تقام دورته ال`17 حاليا (11 إلى 22 فبراير الجاري)، برواق لناشرين منضوين تحت لواء "اتحاد الناشرين التونسيين" ، أن حركة النشر، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال عزلها عن المشهد الثقافي، بالبلاد ستعرف في المستقبل "ازدهارا وحراكا ملحوظا وقد استنشقت نسيم الحرية من جديد"، مرجعين السبب إلى كون المثقفين والمفكرين والفنانين التونسيين قد كسروا كل القيود التي كانت تكبل حرياتهم في العهد السابق. وفي هذا السياق، توقع ناجي مرزوق، ناشر تونسي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش فعاليات المعرض، أن يعرف مجال الثقافة والنشر في تونس "طفرة كبرى ترجع للثقافة التونسية وفنها ألقها وعنفوانها" سواء في السينما والأدب والمسرح وكذا تداول الكتاب التونسي، علاوة على الإقبال على الإنتاج الفكري الأجنبي الذي كان معظمه يمنع من التداول في البلاد على اعتبار تناوله للأوضاع السياسية والاجتماعية والحقوقية بتونس. واستشهد السيد مرزوق، بوجود كتاب "الزوبعة والحداد" للمناضل والنقابي والكاتب عبد القادر الدردوري، برواق اتحاد الناشرين التونسيين بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، وهو الكتاب الذي توفي مؤلفه في الثاني من يناير الماضي، حسرة بعد أن منعه النظام السابق من التداول. وقال إن عبد القادر الدردوري كان رئيسا لفرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بقليبية، وقد عانى هذا الكاتب الحقوقي خلال فترة النظام السابق وخضع الى رقابة شديدة على كتاباته السياسية التي كانت تزعج السلطات وتفضح بعض الممارسات المنافية لحقوق الإنسان. كما أبرز الناشر التونسي، من جانب آخر، صدور عدد مهم من العناوين بعد رحيل نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي وبعد إلغاء جل القوانين التي كانت تقيد تدفق حركة النشر والإبداع في شتى المجالات، مؤكدا على الدور الكبير الذي لعبه المثقفون والفنانون والصحافيون في إنجاح ثورة "الياسمين". وأوضح أن المثقفين ساهموا في تأطير الاحتجاجات، ومنهم على الخصوص، جليلة بكار والفاضل الجعايدي..، بمعنى آخر ، يضيف السيد مرزوق، فإن "كلمة المثقفين كانت مسموعة أيام الثورة". ولم يغفل أن يذكر في هذا الصدد، بالدور الفعال للفنانين الشباب، خاصة فناني موسيقى "الراب" الذين تم توقيف البعض منهم أيام الثورة الشعبية لما تضمنته أغانيهم من كلمات تحرض على الاحتجاج، إلا أنهم أصبحوا بعد ذلك نجوما. من جهة أخرى أشار إلى أن تونس تتوفر في الوقت الراهن على 40 دار نشر، وشارك 10 منها في فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، مبرزا أن ديوان أبي القاسم الشابي من أهم المؤلفات التي لقيت إقبالا كبيرا لدى القارئ المغربي، هذا فضلا عن الإصدارات الحديثة التي حرص اتحاد الناشرين أن تكون حاضرة في هذا الرواق. ومن دور النشر التي تعرض في الجناح التونسي ، نجد "دار صامد للنشر" ، دار المعرفة للنشر " ، دار الأداب بصفاقس" ، "دار الجنوب"، "دار سحنون"...