ستظل أعداد الصحف المصرية الصادرة، اليوم السبت، وهي الأولى بعد تنحي الرئيس حسني مبارك، مرجعا لأجيال قادمة وباحثين قادمين سيسعون، لمعرفة ما حدث في تاريخ سيصبح جزءا من لحظات مفصلية غيرت مصر في اتجاهات مختلفة. بدت الفوارق بين الخطوط التحريرية للصحف المصرية أقرب إلى بعضها اليوم ولأول مرة منذ عقود، فالكل "احتفى" بالحدث وبالثورة الجديدة لكن ظل هناك تفاوت في التوقف عند ما حدث وما يحدث وفي استشراف المستقبل. صحيفة "الأهرام"، أعرق المؤسسات الصحافية في مصر والعالم العربي، والتي كانت الأقرب إلى المصادر الرسمية للخبر في البلاد، استنبطت عنوانها الرئيسي من الشعار الذي رفعه المتظاهرون على مدى أكثر من أسبوعين. وكتبت "الشعب أسقط النظام" فوق صورة على طول الصفحة الأولى لجماهير فرحة بتنحي مبارك. أما "أخبار اليوم"، التي أسسها مصطفى وعلي أمين سنة 1944 (مملوكة للدولة)، فجاء عنوانها على صدر الصفحة الأولى يقول "قواتنا المسلحة: أنا الشعب"، وهو الموضوع الذي اختاره رئيس تحريرها لافتتاحيته تحت عنوان "رجال نفخر بهم". وجاءت أغلب عناوين "الجمهورية"، التي تصدر عن دار التحرير إحدى المؤسسات الإعلامية الممولة من الدولة، خبرية الطابع ك"مبارك يتنحى .. والجيش يحكم"، و"فرحة عارمة في شوارع مصر". لكن الصحيفة بدأت تتحدث في افتتاحيتها التي حملت توقيع "الجمهورية" عن الرئيس المقبل للبلاد وعن حق المصريين في "معرفة ثروته قبل وبعد المنصب". واختارت صحيفة "المصري اليوم" الخاصة أن تنشر في أول أعدادها بعد تنحي مبارك صورا للشهداء الذين سقطوا في الثورة فوق قوس بالأسود والأحمر، (ألوان العلم المصري) لتنشر تحتها صورة كبيرة لميدان التحرير، رمز الحدث، مكتوب عليها "الشعب أراد وأسقط النظام". وعبرت الصحيفة في كلمة تحت عنوان "البداية" عن الأمل في أن تشكل الثورة الشعبية التي عرفتها مصر " جسرا ينقلنا إلى الغد بأمان وحرية، وسرعة تلحق بالعالم الديمقراطي المدني المتحضر". وكان عنوان " الشروق" (خاصة) أكثر انفتاحا على مستقبل مصر منه احتفالا بالحدث. وقالت "الشعب يريد بناء نظام جديد" تحت عنوان في أعلى الصفحة جاء على الشكل التالي" .. وانتصر الشعب". وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إن التوقعات تشير إلى امتداد الفترة الانتقالية في البلاد إلى ستة أشهر بعد أن استطلعت أراء خبراء وفقهاء دستورين. واحتلت صورة الرئيس المتنحي حسني مبارك الصفحة الأولى لصحيفة "الدستور" بكاملها بين عنوانين يقول أكبرهما أعلى الصفحة " أخيرا تنحى مبارك" فيما يضيف الثاني أسفلها "الجيش يتعهد بإدارة البلاد". وستكون أعداد الصحف المصرية الصادرة اليوم نقطة انطلاق لقياس حجم التغيير الذي سيطرأ على المشهد الإعلامي بكامله (صحافة وتلفزوين وإذاعة) بين فترتي ما قبل مبارك وما بعده، وإن كان هذا التغيير قد بدأ حتى قبل أن تحقق ثورة 25 يناير مطلبها الرئيسي.