أكدت قيادات حزبية وجمعوية، مساء أمس الجمعة بالمحمدية، أن المبادرة المغربية المتعلقة بالحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية عززت موقف المملكة على الصعيد الدولي، لكون هذا المقترح يتجاوب مع مطلب الأممالمتحدة لإيجاد حل سياسي لقضية الصحراء المغربية. واعتبر كل من السادة محمد اليازغي عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ونبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، والبشير الدخيل فاعل جمعوي وعائد إلى أرض الوطن، خلال ندوة حول "تطورات القضية الوطنية وأسئلة المستقبل"، أن الحكم الذاتي الذي تم إقراره رسميا من طرف المغرب منذ سنة 2007، يعد حلا سياسيا ديمقراطيا يحظى بالمصداقية نظرا لما يتمتع به من جدية وواقعية. وأكد السيد اليازغي خلال هذا اللقاء، الذي نظمه الفرعان المحليان لحزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية، أن مبادرة الحكم الذاتي ينبغي أن تشكل أرضية للمفاوضات بين المغرب والأطراف الأخرى، مشددا على ضرورة إقناع الجزائر بهذه المبادرة من قبل الدول التي تدعم المقترح المغربي. وبعد أن استعرض التطورات التي عرفتها القضية الوطنية، أبرز السيد اليازغي أن المبادرة المغربية من شأنها أن تمكن الساكنة الصحراوية من تسيير شؤونها في إطار ديمقراطية حقيقية من خلال مؤسسات جهوية، مؤكدا أن المغرب يسعى في هذا الإطار أيضا إلى تطبيق جهوية موسعة تشمل الأقاليم الجنوبية وباقي أقاليم المملكة. وبخصوص المفاوضات غير الرسمية حول قضية الصحراء، اعتبر السيد اليازغي أن هذه المفاوضات "تكرر نفسها لحد الآن"، مشيرا إلى طلب المغرب إخراج هذه المفاوضات من المأزق الذي توجد فيه، وانخراط الجزائر أكثر في هذه المفاوضات، وتوسيع اتصالات الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة عوض الاقتصار على الأطراف المعنية. وفي ما يتعلق بالخيرات التي تزخر بها الأقاليم الجنوبية، أوضح السيد اليازغي أن "الشعب المغربي هو الذي ضحى بماله وإمكانياته من أجل تجهيز الأقاليم الجنوبية بالبنيات التحتية وبناء المؤسسات، بعدما لم يترك فيها الاستعمار الإسباني عند انسحابه منها سوى ثكنات عسكرية". ودعا السيد اليازغي الجزائر إلى الأخذ في الاعتبار التطورات التي تشهدها المنطقة للمساهمة في حل هذه القضية المفتعلة والدخول في مرحلة بناء المغرب العربي، باعتباره الإطار الذي سيعزز مكانة المنطقة تجاه أوروبا وباقي دول العالم. من جهته، فند السيد بنعبد الله بعض الأطروحات التي يروجها خصوم الوحدة الترابية، كاتهامهم المغرب بأنه قوة محتلة، وهي مقولة لا ترد في أي نص من نصوص الأممالمتحدة، مبرزا أن المغرب استرجع هذا الجزء من ترابه الوطني الذي كان تحت السيطرة الإسبانية. وأضاف أن أطروحة الاستفتاء، التي يروج لها الخصوم، أظهرت استحالة تطبيقها بسبب الصعوبات المرتبطة بتحديد هوية الناخبين، مبرزا أن الأممالمتحدة التي أقرت استحالة تطبيق الاستفتاء، أكدت على ضرورة إيجاد حل سياسي لقضية الصحراء، وهو ما تجاوب معه المغرب من خلال مبادرة الحكم الذاتي. وبعد أن أشار إلى أجواء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي تتمتع بها الأقاليم الجنوبية وكذا المجهودات الاستثمارية التي تم بذلها بهذه الأقاليم، أكد السيد بنعبد الله أن المغرب يمكن أن يعزز نجاحه في كسب قضية الصحراء من خلال مضاعفة المجهود التنموي والسياسي التأطيري وإنجاح مسلسله الإصلاحي. أما السيد الدخيل، فقد استعرض المراحل التي مر بها تأسيس (البوليساريو)، مبرزا أن الحركة كانت في الأصل تهدف إلى تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب من الاستعمار الإسباني، قبل أن تتدخل الجزائر لتحريف هذا المسار وتفرض قيادة جديدة لا زالت مستمرة إلى اليوم. وبعد أن أشار إلى عدم إمكانية تطبيق الاستفتاء لحل قضية الصحراء، أكد السيد الدخيل على ضرورة تطبيق الحكم الذاتي على أرض الواقع، مبرزا أن الأقاليم الجنوبية بها نوع من الحكم الذاتي، من خلال البلديات والمؤسسات التي يسيرها منتخبون ينتمون إلى هذه الأقاليم. وتطرق السيد الدخيل إلى بعض مناورات خصوم الوحدة الترابية، منها محاولة خلق حالة من عدم الاستقرار عبر تسخير بعض العناصر كما حصل في أحداث العيون، وإسقاط الاتفاقية الثلاثية الموقعة في سنة 1975، والتي تعطي الشرعية للدولة المغربية على الأقاليم الجنوبية، ثم الإشارة إلى موضوع الثروات البحرية بالأقاليم الجنوبية. وأضاف السيد الدخيل أن حل قضية الصحراء لا يمكن أن يتم إلا من خلال مبادرة الحكم الذاتي والديمقراطية، مشددا على ضرورة إقناع الصحراويين لإخوانهم الآخرين بالحكم الذاتي وأهمية مشروع الجهوية الموسعة. وذكر السيد الدخيل أن المستقبل هو للمغرب "لأن به حرية التعبير والتجمع وآلاف الجمعيات، بينما لا توجد في مخيمات تندوف جمعية واحدة، ولا حرية رأي".