إعداد: إبراهيم الجملي - يدخل مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق حاليا مراحله النهائية حيث سيتم تسليم قنطرة مولاي الحسن في متم شهر مارس المقبل. وقال المدير العام لوكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، السيد لمغاري الصاقل، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء "سجلت البرامج المرتبطة بالبنيات التحتية للنقل الحضري تقدما ملحوظا، لاسيما قنطرة مولاي الحسن التي سيتم تسليمها في متم شهر مارس 2011 حيث ستتيح عند الانتهاء من تشييدها مرور الترامواي في الاتجاهين، إلى جانب مرور العربات في ثلاثة مسالك بالمقطعين الآخرين ومرور الدراجات والراجلين في المسلك الجانبي". واضاف إن "المشروع يتقدم بوتيرة مضطردة وحسب الآجال المبرمجة"، مشيرا إلى أن "عملية تسوية الوعاء العقاري تقدمت بشكل كبير، إلى جانب أشغال حماية الموقع من أخطار الفيضانات والحفاظ على مميزاته الإيكولوجية". وبذلك، يكون مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق، قد دخل بعد مرور قرابة خمس سنوات على انطلاقة أشغاله، مرحلة متقدمة بدأت تتضح معها أهم ملامح هذا المشروع المهيكل الذي يروم الرقي بالمظهر العمراني لمدينتي الرباطوسلا، عبر تقوية البنيات التحتية وتحسين النمط العمراني للعدوتين، وذلك من خلال مقاربة تضع الجانب الإيكولوجي وهاجس الحفاظ على المعالم التاريخية والتراثية في صدارة أولوياتها. ومع بلوغ وتيرة إنجاز متقدمة بأهم المنشآت المندرجة في إطار المشروع، لاسيما خط "الترامواي" الرابط بين مدينتي الرباطوسلا والقنطرة الجديدة مولاي الحسن وموقع "باب البحر"، تكون قد اتضحت بجلاء الملامح الأساسية لهذا المشروع الكفيل بإعطاء نفس عمراني جديد لعاصمة المملكة، وجعلها إحدى أهم الحواضر على المستويين الإقليمي والقاري. + مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق ينتقل إلى وتيرة أسرع مع اقتراب آجال التسليم + قطعت وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق مع باقي شركائها، أشواطا هامة في إنجاز برامج المشروع، الذي انتقل إلى وتيرة أسرع مع قرب حلول الآجال المحددة للتسيلم، وازدياد حاجة سكان العاصمة للاستفادة من المنشآت الهامة التي يوفرها، خاصة على مستوى النقل الحضري. وفي هذا الإطار، أوضح السيد الصاقل، أن نفق الأوداية، على سبيل المثال، حقق في الجزء المتعلق بأشغال الحفر والخرسانة النهائية على مستوى النفق التحت أرضي، والأشغال على مستوى جهة المحيط والممر تحت البنايات التاريخية للأوداية وجهة ساحة الأوداية، معدل إنجاز نسبته 100 بالمئة، بينما بلغت نسبة إنجاز الطرق والشبكات المختلفة 95 بالمئة. كما دخل مشروع الترامواي في مرحلة ما قبل الاستغلال ببلوغ معدل إنجاز نسبته 95 بالمئة، إذ تم وضع بنية لاستغلال النقل بمدينتي الرباطوسلا، وإنجاز الشبكة التحتية لفتح الخطوط المتعددة التجزيئات، إلى جانب انطلاق التجارب التقنية بالمدينتين. وتبلغ عدد محطات الترامواي 31 محطة، 18 في مدينة الرباط و8 بسلا و5 في الخط المشترك، بينما تم تسلم 19 عربة من أصل 25، فيما سيتم تسلم العربات المتبقية خلال أجل قريب. وفي حديثه عن مشروع "باب البحر"، الذي يحظى باستثمار إجمالي قيمته 750 مليون دولار ويمتد على مساحة 30 هكتارا، سجل السيد الصاقل أن "وتيرة إنجازه عرفت تقدما ملحوظا، حيث سيتم تسليم 10 بالمئة من منتوجات هذا المشروع للزبناء عند نهاية سنة 2011". وقال بخصوص المسرح الكبير للرباط، الذي يعد أيقونة مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق، إنه تم الانتهاء من الدراسات الأولية لهذه المنشأة الثقافية التي تروم الارتقاء بعاصمة المملكة إلى مصاف العواصم الثقافية العالمية، وتم الشروع حاليا في إنجاز الدراسات التقنية، بما في ذلك تحديد نوعية التربة التي سيقام عليها المسرح، ليتم إعطاء انطلاقة أشغال البناء في متم سنة 2011. + الحفاظ على المجال الإيكولوجي وصون الموروث الثقافي للعدوتين حاضر بقوة في استراتيجية إنجاز المشروع + لقد استطاع هذا المشروع الذي تشرف عليه وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، من خلال استراتيجية متكاملة وواضحة المعالم، تحقيق عدد كبير من أهدافه الأساسية، لاسيما تجهيز ضفتي النهر عبر تطهير مياه المجاري وتغيير المطارح العمومية المسببة للتلوث المؤثر على المياه الجوفيه، وتقوية المنشآت الأساسية من أجل الدفع بإنجاز المشاريع السياحية، وتهيئة الفضاءات الخضراء والمنتزهات على طول ضفتي النهر، إلى جانب إعادة هيكلة النقل العمومي بين مدينتي الرباطوسلا وتنمية البنيات الأساسية في مجال المواصلات. فقد اختارت الوكالة المضي في إنجار هذا المشروع الضخم، على ضوء استراتيجية تضع البعد البيئي وصيانة الموروث الثقافي للعاصمة في صلب أولوياتها، حيث انطلقت الوكالة من واقع مفاده أن هذا الموقع عانى لمدة طويلة من الاستغلال البشري الغير المعقلن والمكثف، مما سبب تلوثا ملحوظا على المستويين الجوي والنهري، إلى جانب عوامل البنية الأرضية غير المستقرة وهشاشة التربة. وفي هذا إطار، يأخذ مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق بعين الاعتبار صيانة المحيط البيئي للوادي ومناظره الطبيعية والبانورامية، من خلال احترام التوازنات الطبيعية وإعادة تأهيل الموقع بإغلاق مطرحي النفايات بالولجة وعكراش ومعالجة المياه المستعملة الآتية من الأحياء العشوائية القريبة من ضفتي النهر، وبالتالي سيتيح هذا مشروع حماية هذه المنظومة الإيكولوجية، فضلا عن أن من شأن تزويد المدينة بنظام "الترامواي" الحد من مستوى التلوث وتسهيل انسيابية حركة السير بين العدوتين، إضافة إلى برنامج إنتاج الطاقة الذي يجسده تثمين الغاز بمطرح الولجة بمدينة سلا. من جهة أخرى، حرصت الوكالة في إنجاز كافة البرامج المندرجة في إطار مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق، على صون المآثر العمرانية وتثمين الموروث الثقافي العريق للعدوتين، على اعتبار أن العديد من المآثر استفادت من عمليات الترميم والتثمين، كما هو الشأن بالنسبة لمشروع تأهيل قصبة الأوداية الذي هم إعادة ترميم مختلف واجهاتها البحرية، وتلك المحاذية للمدينة القديمة وكذا أسوار باب البحر. في هذا الصدد، يرى الخبراء أن محتوى المشروع يرتكز على تقسيم معماري ومجالي متنامي بين طراز عربي أندلسي للمدن العتيقة، وتصاميم هندسية ومعمارية عصرية لمنشآت جديدة وذلك بهدف تفادي أي مساس بالطابع التاريخي والحضاري للمدينتين العريقتين. وإلى جانب الاعتبارات التقنية، فقد سهر المشرفون على هذا الورش، على أدق التفاصيل المرتبطة بالمتدخلين، والتي يتطلبها العمل في موقع تاريخي حساس، باعتباره أحد المواقع التي تكتنز تاريخ المغرب، وأيضا للأهمية الكبرى التي أولاها مخطط سير أشغال الأرواش للجانب المتعلق بالحفريات في هذه المواقع. وعلى ضوء جميع هذه المعطيات، يتضح جليا أن مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق يسير على المسار الصحيح صوب تحقيق الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي المنشود لعاصمة المملكة، وبالتالي جعلها حاضرة نموذجية تستجيب لكافة المعايير العمرانية والإيكولوجية المعتمدة لدى الدول المتقدمة، سيرا على نهج التحديث والعصرنة الذي انخرطت فيه المملكة بقوة خلال العشرية الأخيرة.