منح الباليه الروسي الكلاسيكي والجوق السمفوني الملكي، مساء أمس الأربعاء بالرباط، لعشاق ألحان الموسيقار الروسي بيتر إليتش تشايكوفسكي ، متعة مزدوجة، للأذن والعين معا، من خلال أدائهما لرائعة "كسارة البندق". امتلأ المسرح الوطني محمد الخامس عن آخره بجمهور من أعمار وجنسيات مختلفة شد الرحال، في واحدة من أماسي العاصمة الدافئة، للاستمتاع ب"كسارة البندق" التي ألفها تشايكوفسكي قبل أزيد من قرن من الزمن، وما زالت فتنتها تسحر الكثيرين. واستطاع هذا الحفل، بالإضافة إلى تحقيقه للمتعة، أن يخلق الإدهاش بفضل الفضول الكبير الذي أبداه عدد كبير من الأطفال الذين رافقوا آبائهم لمشاهدة العرض. إدهاش تجلى أساسا في الفرحة والبهجة، وأيضا في نقاش مستفيض حول أدق تفاصيل "كسارة البندق". وعادة ما تعزف "كسارة البندق"، التي تعتبر من بين أشهر قطع الباليه التي ألفها تشايكوفسكي، في أجواء الشتاء وأعياد الميلاد، إلا أن برودة الطقس لم تمنع عشاق الباليه من معانقة اللحن الخالد والرضوخ لسلطة الجمال الباذخ. "كسارة البندق"، نهر متدفق من الموسيقى التي تشنف الآذان، إذ برع تشايكوفسكي في تأليفها، خاصة وأنه اختار في الفصل الثاني منها ما يتناسب وموسيقى كل بلد ورقصاته الشعبية التي يشتهر بها، وعمل على دمجها مع موسيقى الباليه، فاستحقت بذلك أن تكون "ملحمة" موسيقية آسرة على مر السنين. ويجمع كل من شاهد قطعة "كسارة البندق"، وهي من فصلين مأخوذة عن قصة أقتبسها الكاتب الفرنسي ألكسندر دوماس الأب والتي أقتبسها من قصة (كسارة البندق وملك الفئران) لأرنست هوفمان، على أنها عمل متفرد يجمع بين الرؤية الحداثية التي سبقت عصرها ، في بعض مشاهدها، والالتزام بتقاليد الفن الكلاسيكي، في مشاهد أخرى. وإلى جانب "كسارة البندق"، ألف تشايكوفسكي، الذي ولد بمدينة فوتكنسك في روسيا عام 1845 وتوفي بمدينة سان بيترسبورغ الروسية عام 1893، "بحيرة البجع" و"الجميلة النائمة" و"مارش النصر"، كما كتب أحد عشر مؤلفا للأوبرا، وامتازت موسيقاه بالطابع الغربي، أما نغمة الحزن فتبقى الأثر الوحيد الدال على أصلها الروسي، حسب بعض النقاد. يشار إلى أن المسرح الوطني محمد الخامس سيحتضن نفس العرض اليوم الخميس على الساعة الثامنة مساء.