صادق مجلس المستشارين، في جلسة عمومية، مساء اليوم الأربعاء، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2011. وصوت لصالح المشروع، خلال هذه الجلسة التي حضرها إضافة إلى وزير الاقتصاد والمالية، عدد من أعضاء الحكومة، 62 مستشارا، مقابل 33 عارضوا المشروع. وبلغت مقترحات التعديلات التي تقدمت بها مختلف الفرق البرلمانية على مشروع قانون مالية 2011، على مستوى مجلس المستشارين 114 تعديلا همت مختلف القضايا المرتبطة بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والمالية، وافقت الحكومة على 26 تعديلا. بدورها تقدمت الحكومة ب 4 تعديلات على مشروع قانون مالية 2011 همت على الخصوص تمديد وقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على القمح اللين إلى غاية 30 أبريل 2011 بسبب الارتفاع في أثمنة القمح الصلب في الأسواق العالمية، وتغيير الحساب المرصد لأمور خصوصية المسمى "صندوق تدبير المخاطر المتعلقة بالاقتراضات الغير المضمونة من طرق الدولة". وتميزت دراسة مشروع القانون المالي، سواء على مستوى لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية وباقي اللجن القطاعية أو على مستوى مداخلة الفرق والمجموعات البرلمانية في الجلسة العامة، بنقاش واسع بين الحكومة والمعارضة همت بالأساس نموذج التنمية الاقتصادية الذي ترتكز عليه الحكومة في مشروع قانون مالية 2011، ومدى واقعية الفرضيات التي ينبني عليها المشروع ، ونجاعة المجهود الاستثماري، إضافة إلى القضايا الأساسية ذات البعد الاجتماعي. ففي الوقت الذي أكدت فيه الأغلبية على أن مشروع القانون المالي لسنة 2011 يأتي ليعزز الحصيلة الحكومية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وليعكس المنحى التصاعدي المسجل على مستوى مختلف المؤشرات والذي تجسده الحصيلة الإيجابية في المنجزات على مستوى مختلف برامج السياسات العمومية المعتمدة"، فإن المعارضة اعتبرت أن الأدوات المالية التي يقترحها هذا المشروع "غير متضمنة لأي جديد قياسا لما قدم في السنوات الثلاثة الماضية"، مشيرة إلى أن المشروع "يفتقد لروح الابتكار والابداع". وأبرزت الأغلبية أن مشروع قانون مالية 2011 يمثل في أهدافه "مبادئ التضامن والعدالة الاجتماعية والإنصاف"، ويروم "الانتقال من سياسة اقتصادية مالية محاسباتية صرفة إلى سياسة تنموية شاملة ومتوازنة تستحضر الأبعاد المختلفة للتنمية رغم أنه تم في ظل ظرفية اقتصادية دولية مضطربة أثرت سلبا على الاقتصاد الوطني". وفيما يخص فرضيات مشروع القانون المالي لسنة 2011، اعتبرت فرق الأغلبية أن هذه الفرضيات تؤكد مناعة الاقتصاد الوطني وقدرته على الصمود أمام الأزمات الاقتصادية والمالية الكبرى، "وتعكس العمل الجاد والمسؤول الذي تضطلع به الحكومة في تدبير الشأن العام من جهة، والواقعية السياسية التي تميز بها الأداء الحكومي، القائمة على تحديد الأهداف، على ضوء تشخيص دقيق للإمكانيات المتاحة من جهة ثانية". في حين اعتبرت المعارضة ان هذه الفرضيات " غير واقعية وغير قابلة للتحقق " في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد الوطني. وبخصوص السياسة الاجتماعية للحكومة، سجلت المعارضة أن وتيرة النمو الاقتصادي "غير مؤهلة لمواجهة الخصاص الاجتماعي المسجل على أكثر من مستوى، الذي يزيد من تعميقه عدم إنجاز ميزانيات التجهيز في بعض القطاعات الوزارية " . وكان وزير الاقتصاد والمالية السيد صلاح الدين مزوار قد أكد قبل ذلك في معرض رده على تدخلات الفرق والمجموعات البرلمانية، في إطار المناقشة العامة لمشروع قانون المالي لسنة 2011 أمام مجلس المستشارين، أن مشروع القانون المالي للسنة المقبلة يعتبر مشروعا "متوازنا ومتكاملا"، لكونه يحافظ على الاختيارات الأساسية والأولويات المحددة، ويجيب على الإشكالات المرحلية والتحديات المستقبلية. وأبرز أن المسار التنموي الذي اختاره المغرب هو بالذات المتحكم في صياغة مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، والذي ارتكز على ثلاثة أسس تهم بالأساس دعم الاختيارات الإستراتيجية المحددة، وتدبير انعكاسات ومخلفات الأزمة الاقتصادية العالمية واحتمالات تطورها، إلى جانب التأسيس لما بعد مرحلة الأزمة. وبعد مصادقة مجلس المستشارين على مشروع قانون مالية 2011، سيتم إحالته من جديد على مجلس النواب في إطار قراءة ثانية.