أكد الوفد المغربي المشارك في الدورة الثالثة للمجلس الوزاري المغاربي المكلف بالماء والري ، الذي بدأ أشغاله صباح اليوم الخميس بالعاصمة التونسية، أن المغرب، وعلى الرغم من المعوقات المناخية والهيدرولوجية، قد نجح في نهج سياسة حكيمة لتدبير ندرة الماء، أرسى أسسها المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني بإطلاقه سياسة السدود سنة 1967، وكرسها جلالة الملك محمد السادس، الذي يعتبر الماء عنصرا أساسيا للسيادة الوطنية. وأبرز رئيس الوفد سفير المملكة بتونس ،السيد نجيب زروالي وارثي، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للمجلس، العناية السامية التي يحضى بها قطاع الماء ، حتى لا تشكل ندرة هذا المورد عائقا أمام نمو البلاد وتطورها. وأوضح أن هذه السياسة الرشيدة مكنت من توفر المغرب على رصيد هام من السدود تصل سعة تخزينها إلى حوالي 17 مليار متر مكعب، علاوة على منشآت لاستغلال المياه الجوفية وتحويل المياه ما بين المناطق في إطار التضامن الوطني، وشبكات توزيع مياه الشرب ومياه الري والصرف الصحي، كان لها الفضل في مسايرة التطور الاجتماعي والاقتصادي للبلاد بتعميم الولوج إلى الماء الصالح للشرب في الوسطين الحضري والقروي، وسقي ما يفوق 5ر1 مليون هكتار، وإنتاج الطاقة الكهربائية والحماية من الفيضانات . وعلى المستوى القانوني والمؤسساتي، أشار السفير إلى أن قانون الماء الذي اعتمد سنة 1995 ، شكل قفزة نوعية في تدبير الشأن المائي بالمغرب، بحيث وضع إطارا يتلاءم والتحديات المرتبطة بالماء وعزز مبدأ التدبير التشاركي والتشاوري بواسطة المجلس الأعلى للماء والمناخ، ووكالات الأحواض المائية التي تشرك جميع الفاعلين على الصعيد الجهوي في التدبير المندمج للموارد المائية. وأضاف أنه لكسب الرهانات المستقبلية وتدارك الخصاص المسجل في بعض القطاعات، قامت الوزارة الوصية على قطاع الماء، بأمر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بتحيين الاستراتجية الوطنية للماء، مما أدى إلى بلورة خطط استشرافية لتعزيز المكتسبات ورفع التحديات المستقبلية، بناءا على دراسة شاملة ساهمت فيها الكفاءات الوطنية وخبراء دوليين من مستوى عال. وقال إن الإستراتيجية الجديدة جاءت بتدابير عملية قابلة للتنفيذ علي المدى القريب و المتوسط و البعيد، ستمكن من توفير زهاء 5 ملايير متر مكعب من المياه لتغطية الحاجيات المستقبلية في أفق سنة 2030. ولهذا الغرض، يضيف السيد الزروالي، تقضي الإستراتيجية باعتماد مجهود غير مسبوق في مجال الاقتصاد في الماء، سيمكن من توفير حوالي 5ر2 مليار متر مكعب وتعبئة 5ر2 مليار المتبقية بواسطة منشآت مياه البحر، والمياه الأجاجة، و بناء السدود، وتجميع مياه الأمطار، وتحويل المياه الخام التي تضيع في البحر، من الأحواض ذات الوفرة إلى التي تشكو خصاصا بنيويا في المياه. وأوضح أنه بالنظر إلى الدور الفعال الذي تلعبه السدود في المغرب ، سيتم رفع وتيرة انجازها لتصل إلى 1000 سد صغير أو تلي و 60 سدا كبيرا في أفق سنة 2030 ، وذلك في إطار شراكة بين مصالح الدولة و الشركاء الآخرين الفاعلين في الميدان. ولضمان تنمية مستدامة للبيئة، يضيف المسؤول المغربي، تتطرق هذه الإستراتيجية إلى محاور متعددة ترتكز على إنجاز برامج ضخمة في مكافحة التلوث، واستخدام المياه العادمة بعد معالجتها، وحماية البحيرات الطبيعية و المناطق الرطبة مع إعطاء الأولوية لانجاز المخطط الوطني للصرف الصحي، الذي يشمل الوسط الحضري و القروي. وخلص رئيس الوفد المغربي إلى أنه بالإضافة إلى التقنيات الحديثة المستعملة للتنبؤات الجوية، تم تطوير الخبرة الوطنية في ميدان التغيرات المناخية، وذالك عبر تحصيل المعرفة المتطورة والمتقدمة في ميدان الرصد واليقظة المناخية. يذكر أن جدول أعمال هذه الدورة، التي يشارك فيها ضمن الوفد المغربي ،السيد عبد الدايم لهموري ،مستشار كاتب الدولة المكلف بالماء والبيئة، يتمضن عدة مواضيع من بينها متابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن الدورة السابقة للمجلس وتقييم النتائج التي تمخضت عن ورشات العمل والاجتماعات المغاربية المنظمة في هذا الإطار ، بالإضافة إلى وضع البرامج المستقبلية لنشاط المجلس في مجال الماء والري.