أحيى العالم، أول أمس السبت، اليوم العالمي للطفولة الذي أقر المجتمع الدولي تخليده في 20 نونبر من كل سنة في نفس اليوم الذي اعتمدت فيه الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل سنة 1989 والتي صادق عليها المغرب في 1993 وعمل جاهدا منذ ذلك الحين على تطوير وتوسيع نطاق حقوق الطفل وحمايتها. هكذا عمل المغرب على ملاءمة تشريعاته الوطنية مع المواثيق الدولية، عبر إدراج مجموعة من التعديلات همت بالأساس مدونة الأسرة، ومدونة الشغل، والقانون الجنائي، والمسطرة الجنائية، وقانون كفالة الأطفال المهملين، وقانون الحالة المدنية. كما عزز مجموعة من الآليات الرامية لترسيخ وحماية حقوق الطفل، تمثلت أساسا في إحداث مؤسستي المرصد الوطني لحقوق الطفل وبرلمان الطفل واعتماد سياسة القرب كأداة للتدخل لدعم الشراكة مع المنظمات غير الحكومية، وجمعيات المجتمع المدني التي أخذت تلعب دورا فعالا في مجال حماية الطفولة. وتم في هذا السياق إعداد الخطة الوطنية للطفل 2005/2015 تحت شعار من أجل مغرب جدير بأطفاله، وتتضمن عدة تدابير وإجراءات لحماية الأطفال من كل أشكال الاعتداءات والاستغلال الجنسي. ومن المهام الأساسية المنوطة بمؤسسة المرصد الوطني لحقوق الطفل السهر على تنفيذ وتطبيق بنود اتفاقية هيئة الأممالمتحدة بهذا الشأن، وذلك بتعاون مع مختلف فعاليات المجتمع المدني المغربي وبدعم من الوكالات المتخصصة لهيئة الأمم في مجال حقوق الطفل. ويتولى المرصد، الذي تترأسه صاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم، من الناحية العملية دراسة وتحليل وضعية الطفل المغربي داخل المجتمع، ورصد الحلول الوقائية لحمايته وفي إيجاد حلول اجتماعية واقتصادية مستدامة لمشاكل الطفل، على المستويات التربوية والصحية والقانونية والثقافية والترفيهية. كما وقع اتفاقيات مع وزارة العدل والصحة قصد التكفل قانونيا وصحيا ونفسيا بهؤلاء الأطفال ضحايا سوء المعاملة، وكذا إحداث وحدات جهوية على صعيد المستشفيات الإقليمية المختصة برعاية الأطفال، فضلا عن التنسيق مع عدد من جمعيات المجتمع المدني، سواء في مجال الحماية، أو في مجال الوقاية من هذه الظاهرة. ووضع المرصد أيضا برنامجا دقيقا للتحسيس وللتدخل حدد الجوانب ذات الأولوية والمستعجلة في ثلاث محطات رئيسية تتمركز حول "الطفلات الخادمات" "تعاطي الأطفال للمخدرات" "الاستغلال الجنسي للأطفال". وتم إعداد وصلات تلفزية مدروسة بعناية لتحسيس كل فئات المجتمع بالخطورة البالغة لهذه الظاهرة، وقد خلق هذا التواصل عن طريق وسائل الإعلام نقاشا عميقا لأول مرة حول أشكال من سوء المعاملة كانت في عداد الطابوهات الاجتماعية. وتوج هذا التفاعل بتدشين مركز للاستماع وحماية الأطفال ضحايا سوء المعاملة، حيث تم وضع رقم أخضر لتشجيع كل الضحايا وذويهم للاتصال والإفصاح عما يتعرضون له، بغية تقديم المساعدات الممكنة من تدخل قضائي وتنصيب محامي عن الضحية أو تقديم علاجات نفسية أو عضوية مستعجلة بالاتصال بالمراكز الإستشفائية أو العمل على إعادة الانخراط في الدراسة وفي النسيج الاجتماعي ككل. وعمل المرصد على إنشاء أجهزة بمثابة مؤسسات تنشط في مجال حقوق الطفل من أهمها المؤتمر الوطني لحقوق الطفل الذي ينعقد كل سنة يوم 25 ماي، بمناسبة اليوم الوطني للطفل، بمشاركة وتنشيط فعاليات حكومية وغير حكومية ويحضره ممثلون دوليون لدعم هذا المؤتمر وبالتالي الدفع بالجهود المبذولة من أجل حماية حقوق الطفل المغربي. كما يشرف المرصد على برلمان الطفل الذي تأسس 1999 ويتوخى خلق الحوار والتشاور بين أطفال برلمانيين يمثلون مختلف جهات المملكة من أجل مناقشة أوضاع مختلف فئات الأطفال في المجتمع لترسيخ ثقافة الحوار، والمساهمة في حماية ورعاية حقوق الطفل المتمثلة في الحياة والبقاء، والنماء، والمشاركة. وينعقد برلمان الطفل في عدة دورات جهوية، ودورة واحدة وطنية أساسية يلتقي فيها البرلمانيون الصغار مع ممثلي الأمة والمسؤولين الحكوميين. وأبانت هذه المؤسسة منذ نشأتها سنة 1999 عن مدى قدرة الطفل المغربي على تحمل المسؤولية وتقديره لها وذلك من خلال المساءلة الحكومية بكل تلقائية عما اتخذته من خطط وعن مدى وفائها بالتزاماتها في ما يخص حقوق الطفل. ومن جهة أخرى، بادر المغرب للمصادقة على البروتوكولين الاختياريين الملحقيين باتفاقية حقوق الطفل والمتعلقين بإقحام الأطفال في النزاعات المسلحة وبيع الأطفال واستغلالهم في الدعارة وفي الأعمال الإباحية، حيث نوهت اللجنة الدولية لحقوق الطفل بالسبق المغربي في هذا المجال. كما صادق المغرب على بعض الاتفاقيات المنجزة في إطار منظمة العمل الدولية والتي تهم الطفل في حقوقه الأساسية والمتمثلة في الاتفاقية المتعلقة بتحديد السن الأدنى للعمل سنة 2000 والاتفاقية المتعلقة بمنع تشغيل الطفل في المجالات الخطيرة. وصدرت مدونة الشغل بعد ذلك فعلا بشكل يتماشى مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالطفل.