قدمت فرقة "مسرح الأصدقاء" مساء أمس الأربعاء بعمان، عرضين لمسرحيتها (كفر ناعوم أوطو سراط)، في إطار الدورة ال`17 لمهرجان المسرح الأردني المنظم إلى غاية 11 نونبر الجاري. ونجح هذا العمل، وهو من إخراج وأداء الممثلة لطيفة أحرار، والمستلهم من ديوان الشاعر ياسين عدنان "رصيف القيامة"، في استقطاب جمهور غفير لليوم الثاني على التوالي، والذي توافد بكثرة على قاعة المسرح الدائري بالمركز الثقافي الملكي، خصوصا عقب الأصداء التي خلفها العرض الأول وسط عشاق أبي الفنون. واعتبرت نرمين الحوطي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء عقب مشاهدتها العرض المغربي، أن (كفر ناعوم) عمل مونودرامي مفتوح على عدة تأويلات، وهو ما يرمز إليه المشهدان الأول والأخير، مشيرة إلى أنه أعطى مساحة أوسع للتعبير الجسدي. وأضافت أن لغة الجسد في هذا العمل جاءت أبلغ من الكلمة، وهي تقنية تكاد تكون غائبة في العديد من الأعمال المسرحية والتي يكون فيها الممثل مقيد الحركة، معتبرة أن اعتماد (كفر ناعوم) على التعبير الجسدي بشكل كبير يحمل في طياته دعوة إلى التحرك والتحرر الذاتي، ويفسح المجال أمام المشاهد للتأويل. من جانبه أعرب الممثل اللبناني رفيق علي أحمد، في تصريح مماثل، عن إعجابه ب"الأداء العالي" للممثلة لطيفة أحرار، وامتلاكها لأدوات المسرح الفردي. وقال إن أحرار، التي طوعت صوتها وجسدها لتقدم "كتلة متناغمة" من الأحاسيس، وجدت طريقها لوجدان المشاهد. أما الفنانة المصرية سميحة أيوب، فقالت بعد مشاهدة العرض إن "الممثلة تمتلك أدوات الفنان الكبير". بدوره قال المؤلف والناقد والمخرج المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد، الذي يشارك أيضا في المهرجان، إن (كفر ناعوم)، نجحت في تمثيل المغرب أحسن تمثيل في المهرجان، باعتبارها مسرحية شاملة وذات مضمون إنساني عميق. وأوضح أن هذا العمل يتميز بتكامل عناصره، تأليفا إخراجا وتمثيلا، كما أنه يثير العديد من القضايا، حيث يطرح موضوعة الموت والقيامة بشكل أساسي، بالإضافة إلى تناوله مواضيع أخرى ذات أبعاد سياسية واجتماعية بشكل جاد. وأضاف أن المسرحية لا تعتمد على أسلوب واحد في التعبير، بقدر ما تمزج بين أساليب عدة، في مقدمتها لغة الجسد، التي تهيمن عليه بامتياز، والكلمة بعدة لغات (العربية، الأمازيغية، الفرنسية...) والغناء الذي جاء بتلوينات وتطريزات في الصوت رافقها تنوع في الأداء والحركة، بالإضافة إلى التعبير بالأزياء. وبخصوص هيمنة التعبير بالجسد ومساحات الصمت التي تتخلل هذا العمل، قال برشيد إنه إذا كان المسرح العربي يعرف عموما بأنه مسرح يكثر من الكلام، فإن (كفر ناعوم) تعبر بكل الأدوات الكائنة والممكنة، حيث يصبح الصمت في حد ذاته لغة، تغني في كثير من الأحيان عن الكلام. وستعرض (كفر ناعوم)، التي تقول عنها مخرجتها إنها "مقبرة للأرواح الحية (...) أرواح ترفض أن تموت، ولا تتردد في استعراض قيامتها الدرامية على الخشبة مباشرة أمام الجمهور"، للمرة الثالثة بعد غد السبت بمدينة الزرقاء (20 كلم شمال شرق عمان)، التي اختيرت عاصمة للثقافة الأردنية برسم 2010.