شدد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى المنظمات الدولية في فيينا، السيد عمر زنيبر، على أن مسألة الهجرة، بالإضافة إلى أبعادها المرتبطة بالأمن، تظل، في المقام الأول، نتيجة للفوارق الاقتصادية التي تعرفها العلاقات بين بلدان ضفتي المتوسط الشمالية والجنوبية. وأضاف الدبلوماسي المغربي أن محاربة ومراقبة الانعكاسات غير المرغوب فيها الناجمة عن الهجرة، لن تتأتى بشكل جيد إلا من خلال التنمية الاقتصادية والتقليص من الفوارق. وأشار إلى أن "النظرة الزجرية للهجرات التي تجعل من الأجنبي كبش فداء لاستقطاب مزيد من الأصوات، من لدن بعض الأحزاب المتطرفة، ينبغي تكون محل تنديد قوي، ذلك أن هذه النظرة التي تترسخ بالخصوص في أوقات الأزمة، وتغذيها لدى الرأي العام، تمثلات سلبية تقول بأن الهجرة تشكل غزوا، تتعارض مع الواقع حيث أن المهاجرين يشكلون حاليا، بالكاد، 3 في المائة من سكان العالم، وهي ذات النسبة التي سجلت في بداية القرن الماضي". وقال "إن أي محاولة لربط الهجرة، حتى وإن كانت غير شرعية، بشكل مباشر أو غير مباشر، بالتطرف والتشدد أو الإرهاب هي مسألة ينبغي معارضتها". وكان السيد زنيبر يتحدث بصفته ناطقا في قضايا تدبير الهجرة في إطار مؤتمر بحث التزامات منظمة الأمن والتعاون في أوربا في المجالين الاقتصادي و البيئي، الذي تجري أشغاله حاليا في فيينا، في أفق التحضير للقمة التي ستعقدها منظمة الأمن والتعاون في أستانة، عاصمة كازخستان، يومي فاتح و ثاني دجنبر القادم. وأضاف أنه حسب توقعات المجموعة الحكومية حول المناخ، فإن عدد الأشخاص الذين سيضطرون، سنة 2050، إلى التنقل بسبب التغيرات المناخية وتدهور البيئة، يمكن أن يتراوح ما بين عشرات ومئات الملايين من الأشخاص، ومن تم، يؤكد السيد زنيبر،على ضرورة مواصلة التفكير بشكل واقعي وملموس لمواجهة هذه التحديات. وأكد السيد عمر زنيبر أن المغرب، بصفته شريكا متوسطيا لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، سيواصل مساهمته الإيجابية في إطار قاعدة الحوار حول الهجرة، التي تقترح المنظمة الأوروبية إقامتها من أجل التنفيذ الفعلي للتصريح الوزاري حول الهجرة المصادق عليه في بروكسيل، وكذا القرارات الوزارية المعتمدة في لوبليانا وأثينا، وذلك في إطار روح ندوة الرباط (التي عقدتها منظمة الأمن والتعاون الأوربية يومي 12 و 13 دجنبر 2007)، التي تدعو إلى اعتماد مقاربة شمولية، متوازنة ومتشاور بشأنها، في تدبير قضية الهجرة. وأشار إلى أن القرار الوزاري المعتمد في أثينا حول تدبير الهجرة، يمكن أن يشكل أساسا لخلق قاعدة دائمة للحوار، وهو ما يقترح المغرب إحداثه منذ سنوات، في إطار شراكة متوسطية، مكونة من خبراء البلدان الأعضاء والبلدان الشريكة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والمؤسسات المعنية التابعة لها، بالتعاون مع المنظمات الدولية، بهدف الانكباب في اجتماع سنوي على تتبع تنفيذ القرار المذكور. وقال الدبلوماسي المغربي، الذي تدخل حول قضايا الهجرة بطلب تقدمت به كازخستان بصفتها الرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا، إنه سيكون من المهم أن تعطي وثائق القمة المقبلة في أستانة، سواء كانت تصريحا أو مخطط عمل، دفعا لمعالجة قضية الهجرة التي تحظى بأهمية قصوى، ليس فقط من منظور الدول الأعضاء، ولكن أيضا في إطار الشراكة، علما بأنه تم تحديد مسألة تدبير الهجرة كأحد أولويات التعاون مع شركاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. واعتبر أن المقاربة المتبعة على الصعيد الدولي في مجال تدبير الهجرة ، التي تتأسس على ثلاثة محاور (الهجرة و التنمية وتسهيل الهجرة القانونية ومحاربة الهجرة غير الشرعية)، تقوم على القناعة بأن الحوار حول قضايا الهجرة العالمية لا يمكن أن يعطي ثماره إلا في إطار تصور متعدد الجوانب يأخذ بعين الاعتبار التنوع الذي تمثله هذه الظاهرة، وفي إطار الشراكة، والجمع ما بين معالجة الرهانات التي تفرزها الهجرة وتحديات التنمية ومحاربة الهجرة غير القانونية.