قال السفير الممثل الدائم للمغرب لدى المنظمات الدولية في فيينا السيد عمر زنيبر إن المغرب، الذي أضحى بلد انطلاق وعبور واستقبال المهاجرين، يدرج مسألة الهجرة ضمن مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات وتنوع هذه الظاهرة. وأوضح السيد زنيبر، في تدخل له الخميس الماضي بفيينا خلال اجتماع لمجموعة الاتصال المتوسطية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا حول "تنفيذ القرار الوزاري 5/09 لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا حول تدبير الهجرة" أن هذه المعالجة تندرج في إطار الشراكة بين الشمال والجنوب التي توفق بين معالجة رهانات الهجرة وتحديات التنمية. وسجل السيد زنبير أن هذه المقاربة ترتكز على ثلاثة محاور تتمثل في الهجرة والتنمية وتسهيل الهجرة الشرعية ومكافحة الهجرة غير الشرعية. وأعرب الدبلوماسي المغربي عن ارتياحه لكون مسألة تدبير الهجرة تصدرت أولويات برنامج عمل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ولكون معالجتها تندرج في اطار مقاربة شاملة تجمع بين التنمية ومحاربة الهجرة غير الشرعية وتشجيع الهجرة الشرعية. وأكد أن المملكة المغربية تشيد بالتزام البلدان الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون من خلال تبني "القرار الوزاري 5/09 حول تدبير الهجرة" بأثينا مشيرا إلى أن هذا القرار يعزز التصور والمقاربة المعتمدين من طرف المغرب في مجال تدبير الهجرة. وجدد في هذا السياق إرادة المملكة المغربية في العمل بتعاون مع البلدان الأعضاء والشركاء من أجل تفعيل هذا القرار في إطار أرضية الحوار التي أوصت بها مقتضيات هذا القرار المهم. وأبرز أنه في إطار الامتيازات المقارنة لمنظمة الامن والتعاون في أوروبا والقيمة المضافة التي تقدمها هذه المنظمة ، فإن الوفد المغربي يعتبر أن منظمة الأمن والتعاون يمكنها المساهمة في تخفيف حدة التوتر الناجم عن النظرة السلبية تجاه المهاجرين في منطقة منظمة الأمن والتعاون مسجلا أنه يمكن الكشف عن هذه النظرة السلبية من خلال صورة المهاجرين المتداولة في وسائل الاعلام في بعض الخطابات السياسية التي توظف هذه القضية لأغراض انتخابية. وأضاف أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا يمكنها القيام بمبادرات من أجل تقديم صورة موضوعية عن المهاجرين في المجتمعات المضيفة خاصة من خلال وسائل الإعلام وذلك في انسجام مع مقتضيات القرار الوزاري لأثينا حول تدبير الهجرة ، ولاسيما من خلال التحسيس بكافة الأبعاد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لمساهمة المهاجرين في المجتمعات المضيفة حتى يتسنى الفهم الجيد لسياسات الإدماج وقبولها باعتبارها قضية مصلحة مشتركة بالنسبة لمجموع السكان. وفي هذا السياق، أكد الوفد المغربي مجددا اقتراحه المتعلق بإعداد دليل لفائدة وسائل الإعلام، وتنظيم دورات تكوينية لفائدة الصحفيين المهتمين بقضية الهجرة من قبل مكتب المنظمة المكلف بحرية الإعلام. وشدد الوفد على أنه بإمكان البلدان الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون بأوروبا إثارة الانتباه للخطابات السياسية المعادية للأجانب تجاه المهاجرين عند مناقشة القضايا الراهنة أمام المجلس الدائم، داعيا المنظمة إلى تنظيم ندوة حول صورة المهاجرين في بلدان الاستقبال وبلدان الأصل على حد سواء. وبخصوص محاربة الهجرة غير الشرعية وتشجيع الهجرة القانونية، دعا السيد زنيبر، على الخصوص، إلى تعزيز التعاون في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية ومراقبة الحدود، وكذا تعزيز الحوار بين بلدان الأصل والاستقبال والعبور حول آفاق الهجرة القانونية. وبعد أن أكد على أهمية إدراج تدبير قضايا الهجرة في زاوية العلاقة بين الهجرة والتنمية، ذكر السيد زنيبر بالطرح الذي تقدم به أحد الدبلوماسيين خلال الاجتماع الذي عقده المركز الدولي لتنمية السياسة حول الهجرة في 10 أبريل الماضي بأديس أبابا. وكان الدبلوماسي قد أشار إلى أن "تدبير قضايا الهجرة في شموليتها بما فيها الهجرة القانونية وغير الشرعية والمبادرات التي تم القيام بها في هذا المجال، سواء على المستويين الثنائي أو متعدد الأطراف أو على المستويين المعياري والمؤسساتي، يروم في زمن العولمة تعبئة الطاقات غير المستغلة للمهاجرين المغاربة; خاصة المؤهلين، خدمة لنمو بلدانهم الأصلية". وقدم الوفد المغربي المشارك في اجتماع منظمة الأمن والتعاون بأوروبا بفيينا اقتراحات في هذا الموضوع تتعلق على الخصوص بتبادل الممارسات الجيدة في مجال الهجرة الدورية والموسمية (نموذج التجربة بين المغرب وإسبانيا في هذا المجال)، وتوجيه الاستثمارات بشراكة مع الأبناك لفائدة تنمية البلدان الأصلية; لا سيما في المناطق الأصلية للهجرة السرية. وتجدر الإشارة إلى أن القرار الوزاري 5 /09 لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا حول قضية الهجرة يشكل تقدما في المقاربة التي اتبعتها المنظمة إلى حدود الآن، وذلك بفضل المجهودات التي بذلتها هذه الهيئة التي ما فتئت تشدد على أهمية إبراز العلاقة بين الهجرة والاندماج والتنمية، وبين احترام حقوق المهاجرين وتشجيع الهجرة القانونية.