أجمع عدد من المسؤولين والفاعلين المحليين على أن زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لإقليم فكيك حيث أعطى جلالته انطلاقة عدد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية ووقف على أخرى تشكل حدثا تاريخيا سيعطي دينامية قوية للتنمية بالمنطقة ويفتح آفاق واعدة بها. وأكد هؤلاء الفاعلون، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الزيارة والمشاريع التي واكبتها دشنت صفحة جديدة على درب فك العزلة وتحقيق التنمية المستدامة بالإقليم، مبرزين آثارها الإيجابية القوية على مختلف الأصعدة خصوصا على المستوى التنموي، وتعميق مشاعر الانتماء للوطن، وإشاعة أجواء الثقة بين المواطنين، وتحفيز الإرادات من أجل انطلاقة جديدة، تنشد توفير مستلزمات النهضة الشاملة.
كما ثمنوا المقاربة التنموية الشمولية التي اعتمدتها المشاريع المبرمجة لمواجهة الإكراهات البنيوية والهيكلية التي لطالما عانت منها منطقة الجنوب الشرقي لاسيما وأن هذا التوجه يروم رد الاعتبار للإقليم من خلال إدماجه في النسيج الاقتصادي الجهوي والوطني، وذلك بالنظر لموقعه الحدودي الاستراتيجي ولما يزخر به من مؤهلات متعددة.
وفي هذا السياق، اعتبر السيد عمر عبو رئيس المجلس البلدي لمدينة فكيك أن هذه الأوراش والبرامج الكبيرة التي شملت مختلف المجالات خصوصا تلك المتعلقة بالتأهيل الحضري للمدن والمراكز القروية، وكذا القطاعين الفلاحي والثقافي والطرق والكهربة القروية، ستساهم بشكل قوي في سد الخصاص الذي يعاني منه الإقليم، ومدينة فكيك على وجه الخصوص، كما أنها توفر شروطا ملائمة لاندماج اقتصادي وجهوي متقدم.
وأوضح السيد عبو أن هذه المشاريع التي شملت كافة تراب الإقليم بما فيها بعض المراكز التي كانت معزولة مثل قصر (إيش)، الذي سيتم إعادة إسكان قاطنيه، ومدينة فكيك التي استفادت من مجموعة من المشاريع لتنمية قطاع الفلاحة والمياه والغابات ومحاربة التصحر، ومركز بني تجيت الذي استفاد من مشاريع للري والرفع من إنتاج التمور والزيتون، وتالسينت وتندرارة وغيرها، ستشكل حافزا قويا لتشجيع السكان على الاستقرار، من خلال النهوض بالأنشطة المدرة للدخل والحفاظ على الفضاء الحيوي وحماية التربة.
وعلى المستوى السياحي، أشار إلى أن المنطقة تزخر بمؤهلات متنوعة في هذا الميدان تشمل مناطق واحية وصحراوية وهضابية وبورية، مبرزا أن إعداد برامج خاصة لتأهيل المنطقة واستغلال إمكانياتها وتحسين ظروف عيش ساكنة الواحات والحفاظ على الموروث الثقافي والحضاري للأنظمة الإيكولوجية للواحات وتثمينه، سيشكل دفعة قوية لتنشيط الاقتصاد المحلي، وبروز أنوية تنموية تراعي الخصوصيات المحلية.
وعلى المستوى الثقافي، أبرز السيد عبو أن عددا من المشاريع التي تمت برمجتها في هذا المجال خصوصا دار الثقافة بفكيك، وبعض المركبات الاجتماعية والثقافية الأخرى وغيرها، من شأنها تطوير المشهد الثقافي الإقليمي خصوصا الجانب المتعلق بتوفير الفضاءات المرتبطة بهذا العمل مما سيمكن الشباب والسكان من الاستفادة من غنى وتنوع الثقافة على الصعيد الوطني والدولي، ويحفزهم على الإبداع والتعبير عن تطلعاتهم، والاطلاع على التطورات التي تعرفها الساحة الثقافية الوطنية والدولية، وينمي روح المواطنة لديهم.
أما السيد عبد الكبير قادة، رئيس المجلس البلدي لمدينة بوعرفة، فيرى أن هذه البرامج التنموية خصوصا تلك المتعلقة بتأهيل مدينة بوعرفة، وإعادة هيكلة أحيائها الناقصة التجهيز، إضافة إلى مشروع إسكان قاطني حي الخيام، الذي رصدت له اعتمادات مالية بلغت 94 مليون درهم، سيحدث تحولا عميقا في المظهر العمراني للمدينة، ومن شأنه تطوير البنيات التحتية الأساسية من شبكة ماء وكهرباء وتطهير سائل وإنارة عمومية.
من جهته أكد السيد عبد الله حديوي رئيس جماعة بوعنان بإقليم فكيك أن هذه الزيارة المباركة والبرامج الموازية لها، والتي تحمل معاني ودلالات سياسية عميقة، من حيث توجهها لاستنهاض والعناية بالموارد البشرية، ستعطي دينامية جديدة وترسم آفاقا تنموية واعدة بهذا الإقليم عامة وجماعة بوعنان على وجه الخصوص.
وأضاف أن حجم الاعتمادات المخصصة لتأهيل الجماعة، المقدر ب3 مليار و200 مليون سنتيم، وعدد المشاريع التنموية المبرمج إنجازها بالجماعة، سيفتح ورشا كبيرا للتنمية البشرية بالمنطقة، ويؤدي بالتالي إلى فك العزلة والحد من مظاهر الفقر والبطالة والهجرة التي تعاني منها المنطقة.
وأكد السيد مصطفى زروال رئيس قسم الجماعات المحلية بالإقليم، أن الزيارة الملكية للإقليم أعطت إشعاعا إعلاميا قويا للمنطقة، إذ شكلت مناسبة للتعريف بالموروث الثقافي والتاريخي للجهة الجنوبية الشرقية وعاداتها وقبائلها وواحاتها.
وأضاف أن هذه الحدث البارز كان له انعكاس إيجابي على الحركة الاقتصادية والتجارية بالمنطقة التي شهدت انتعاشا ملحوظا بعد سنوات من الركود والتهميش.
ومن جانبه، أوضح السيد عبد النبي العمري، رئيس قسم التعمير بالإقليم، أن مشاريع تأهيل مدينتي بوعرفة وفكيك والجماعات القروية الأخرى، ستحد من الإكراهات الهيكلية بالإقليم، والمتمثلة في شساعة الإقليم، إذ يشكل نسبة 67 في المائة من المساحة الإجمالية للجهة الشرقية، مما كان عائقا أمام حركة الاستثمار ووضع البرامج والمشاريع والمخططات التنموية.
وأضاف أن بنية وتوزيع النسيج الحضري بالإقليم سيعرفان تغيرا كبيرا باعتبار أن التدابير المتخذة والأنشطة المبرمجة الخاصة بالنهوض بهذه المنطقة ستشكل مرتكزات جذب لحوالي 65 ألف نسمة من الساكنة التي تعيش خارج المراكز الحضرية والمراكز القروية، ويهيمن على نشاطها نمط الترحال، معتبرا أن ذلك سيوفر لها عوامل الاندماج والانخراط في مسلسل التنمية، وبالتالي تنشيط حركة التمدين بالإقليم.
وأبرز أن إنجاز مشاريع ثقافية واجتماعية وتربوية ورياضية ومؤسسات الخدمات الاجتماعية بمدن بوعرفة وفكيك وباقي المراكز، ستتمخض عنه نتائج إيجابية على مستوى تكوين وتأهيل المرأة وتقوية الكفاءات لدى الشباب وإدماجهم وتشجيعهم على التمدرس بالعالم القروي على وجه الخصوص.
من جهة ثانية، أكد السيد عبد الهادي بنرابح (فاعل تربوي وباحث في قضايا المنطقة)، أن المشاريع المبرمجة ستحول الإقليم إلى ورش للبناء والتشييد مبرزا أهمية الزيارة الملكية بالنسبة للمنطقة لاسيما فيما يتعلق بالمشاريع التي تدخل في مجال التشجيع على التمدرس بالعالم القروي من خلال بناء مدارس جماعاتية، وهو ما سيساهم في جودة التعليم والحد من الهدر المدرسي، في منطقة تتميز بضعف كثافتها السكانية وشساعة مساحتها.
ودعا السيد محمد جبوري (فاعل سياسي) النخبة الحزبية والمثقفين والمجتمع المدني والنسيج الجمعوي بالإقليم، إلى مواكبة الدينامية التي أطلقتها الزيارة الملكية، وإلى تغيير العقليات والمقاربات العقيمة، التي ركن إليها طويلا مختلف الفاعلين بالإقليم، وبالتالي الانخراط في هذه الأوراش التنموية من أجل إنجاحها وبالتالي تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.