أسهمت البعثة البلجيكية الاقتصادية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير فيليب، التي زارت المغرب في نونبر الماضي، في إعطاء دينامية جديدة للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، كما أرست أسس تعاون ثنائي أكثر كثافة. وقد وصفت الوكالة البلجيكية للتجارة الخارجية هذه البعثة، بالأهم منذ البعثة المماثلة التي زارت الصين سنة 2004، حيث بلغ عدد رجال الأعمال الذين شاركوا فيها 300، يمثلون 186 مقاولة تعمل في مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي، ما يعكس الاهتمام الكبير الذي يحظى به المغرب. ويفسر هذا الاهتمام بنجاح المغرب في استقطاب وجذب الاستثمارات بشكل مستمر، وما يوفره من فرص وإمكانيات للمستثمرين. وقد أشاد صاحب السمو الملكي الأمير فيليب بالجهود التي يبذلها المغرب لتسريع وتيرة التنمية، مؤكدا أن المغرب بذل جهودا كبيرة في مجال محاربة الفقر والإقصاء بالإضافة إلى محاربة الأمية وغيرها. كما نوه بالنتائج التي حققها المغرب في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي قررت بلجيكا رفع مساهمتها فيها لتصل إلى 4 مليون أورو. وحسب سفير بلجيكا بالرباط السيد جان لوك بودسون، فقد شكلت زيارة البعثة الاقتصادية البلجيكية للمغرب "حدثا تاريخيا" عكس الأهمية والعناية التي توليها بلجيكا لعلاقاتها مع المملكة المغربية، سواء على المستوى الرسمي أو على مستوى العلاقات القائمة بين الفاعلين الاقتصاديين. وبدورها أشادت الصحافة البلجيكية بهذه البعثة الاقتصادية التي اعتبرتها "وازنة ومهمة"، وأكدت على أنها شكلت "اختراقا مهما يبرهن على رغبة بلجيكا في تعزيز حضورها في السوق المغربية، التي تشهد دينامية اقتصادية مذهلة". ومن جانبهم سلط رجال الأعمال البلجيكيون الضوء على العلاقات الممتازة للتعاون والشراكة بين البلدين، كما نوهوا بتحسن مناخ الاستثمار في المغرب، والتسهيلات التي تمنحها المملكة للمستثمرين الأجانب. وشكلت البعثة الاقتصادية البلجيكية فرصة للمستثمرين ورجال الأعمال البلجيكيين لاستكشاف المشاريع التي يمكن أن يكون التعاون فيها مثمرا، وتركز اهتمام المستثمرين على قطاعات واعدة مثل البيئة ومعالجة المياه والتجهيزات الأساسية والبناء والاتصالات والسياحة والفلاحة والبحث العلمي. ومكن هذا اللقاء المغربي البلجيكي من توقيع ست اتفاقيات للشراكة بقيمة مالية تقدر ب103 مليون أورو، وهمت الآليات والمواد الصيدلانية والطاقة المتجددة والصرف الصحي. وكانت أهم هذه الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، هي الاتفاقية المتعلقة ببناء محطة للصرف الصحي في مراكش بغلاف مالي يصل إلى 100 مليون أورو، والتي وقع عليها مسؤولو شركة "واترلو للخدمات البيئية" وشركة "سوتراديما" المغربية المتخصصة في الأشغال والبناء ومد شبكات مياه الشرب. كما تعاقدت مصفاة "سامير" بدورها مع إحدى شركات الصيانة "ميتسوبيشي" لتوفير خدمات الصيانة لجميع الآلات بموقع المحمدية وذلك بقيمة مالية تقدر ب2 مليون أورو. وبدورها وقعت شركة "بتافونس" المتخصصة في أنظمة المراقبة والكشف، مع الشركة المغربية للأشغال، عقدا لتوسيع السياج الأمني الخاص بالموانئ في طنجة بمبلغ مليون أورو، وهو الاتفاق الذي ينضاف لاتفاق قائم بين الشركتين، بغلاف مالي يقدر ب2 مليون أورو. وقد تزامن تواجد البعثة الاقتصادية البلجيكية مع انعقاد الدورة 18 للجنة المشتركة البلجيكية المغربية للتعاون والتنمية، وهو التعاون الذي يتركز بالخصوص على التنمية القروية وإيصال مياه الشرب. وفي إطار هذا التعاون، قررت بلجيكا مضاعفة الغلاف المالي الذي تخصصه سنويا للمغرب، حيث سيصل هذا المبلغ إلى 80 مليون أورو للفترة ما بين 2010 و2013، ليصبح المغرب بذلك أهم شريك في مجال التعاون الثنائي لبلجيكا، بعد دول إفريقيا الوسطى. ووقع البلدان في ختام أشغال اللجنة المشتركة البلجيكية المغربية اتفاقية للتعاون في مجالات المياه والفلاحة بغلاف مالي يصل إلى 67 مليون أورو. وبموجب هذا الاتفاق المبرم في نطاق البرنامج التنفيذي للتعاون (2010 - 2013) ستقدم بلجيكا مساهمة مالية تقدر ب5ر33 مليون أورو، ستوجه لتنفيذ بعض المشاريع في إطار "مخطط المغرب الأخضر" الذي يروم تطوير استراتيجية موجهة نحو الفلاحين لتشجيع الرفع من الإنتاجية وبالتالي تحسين مداخيل هذه الفئة.