لم تلتقط الحكومة الهندية أنفاسها بعد من وقع الانتقادات اللاذعة التي وجهت إليها بسبب التأخير في إنجاز البنية التحتية الخاصة باحتضان دورة ألعاب الكومنولث، حتى تفجرت فضيحة أخرى هزت كيان الرياضة الهندية بعد الكشف عن تعاطي العديد من الرياضيين الهنود لمنشطات محظورة. فقد أعلنت اللجنة الأولمبية الهندية عن ثبوت تناول 19 رياضيا هنديا لمواد محظورة ومنشطة قبل أسبوعين من افتتاح دورة ألعاب الكومنولث في نيودلهي. ويتعلق الأمر برياضيين كانوا ضمن المنتخب الهندي للمصارعة والسباحة وألعاب القوى ، الذي يتأهب للمشاركة في هذه الدورة المقامة ما بين ثالث ورابع عشر أكتوبر المقبل في العاصمة الهندية. وقال مدرب المنتخب القومي للمصارعة جاغميندر سينغ "إنها صدمة لنا جميعا ، لم نكن نحتاج لمثل هذه الفضائح التي تعكس مدى الفوضى العارمة التي تحيط بهذه الألعاب". وتبعا لذلك ، قررت اللجنة الأولمبية إيقاف الرياضيين ال19 بعد فشلهم في اجتياز اختبار روتيني أجرته الوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات أثناء معسكر المنتخب مطلع الشهر الماضي في مدينة باتيالا تحضيرا لدورة ألعاب الكومنولث. وحذر وزير الرياضة الهندي إم جيل أعضاء منتخب بلاده بقوله "إذا كنا فعلا نحيي آمالا لتحقيق ميداليات في هذه البطولة، فإننا نتطلع لتحقيقها بشرف ونزاهة"، داعيا الاتحادات الوطنية إلى توعية الرياضيين بمخاطر المنشطات، التي طالت العديد من التخصصات الرياضية. وتشارك الهند ب495 عداء في دورة الكومنولث للتنافس في جميع التخصصات، وعددها 17، حول 829 ميدالية ، وتعقد آمالا كبيرة في تألق رياضييها خاصة في مسابقات رفع الأثقال والمصارعة وتنس الطاولة والرماية والتنس، ومن ضمنهم ابهيناف بيندرا الحائز على الميدالية الذهبية في الرماية في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة في بكين، والمصارع سوشيل كومار بطل العالم في وزن (66 كلغ) قبل أسبوع في موسكو ، والحائز على برونزية في أولمبياد بكين، وفيجندر (ميدالية برونزية في الملاكمة في أولمبياد بكين)، إلى جانب ساينا نيهوال رقم ثلاثة عالميا في كرة الريشة (البادمينتون)، وسانيا ميرزا لاعبة التنس العالمية. وكانت الهند قد حصلت في النسخة الأخيرة لألعاب الكومنولث التي أقيمت في ملبورن بأستراليا على 50 ميدالية، من ضمنها 22 ذهبية، مما بوأها المركز الرابع. وأنفقت الحكومة الهندية أزيد من 110 مليون أورو في برنامج إعداد الرياضيين لهذه المنافسات حيث تم توظيف مدربين أجانب في جميع التخصصات وإرسال الفرق الوطنية في معسكرات خارجية. كما خصصت جوائز قيمة للمتوجين بلغت 34 ألف أورو للفائز بميدالية ذهبية، لتشجيعهم على التألق في ألعاب الكومنولث، وفي الألعاب الآسيوية التي ستحتضنها مدينة قوانغتشو الصينية في نونبر المقبل. معظم الهنود يعتبرون دورة ألعاب الكومنولث بنيودلهي "كارثة معلنة". ملاعب غير جاهزة، ومباني منهارة وفضائح فساد واختلاسات بالجملة تقوض فرص نجاح هذه الألعاب، رغم تأكيدات سوريش كالمادي رئيس اللجنة المنظمة أن دورة نيودلهي ستكون "أحسن بطولة في تاريخ ألعاب الكومنولث". وأكد تقرير حديث للجنة المركزية للمراقبة أن خروقات وتجاوزات طالت 16 مشروعا، وتشمل سوء الإدارة وسوء التخطيط من جانب بعض الوكالات المدنية، إلى جانب انتهاكات إجرائية لمشاريع بقيمة 20 مليار روبية (حوالي 300 مليون يورو). وأثارت التقارير الصحفية عن التأخر الطارئ في إنجاز مختلف المشاريع في دورة ألعاب الكومنولث، انتباه المراقب العام الهندي للحسابات، الذي قرر إجراء افتحاص عام عن جل المشاريع التي يجري بناؤها في إطار هذه الألعاب. وتعد هذه المرة الأولى في الهند التي يتم فيها افتحاص لمشروع رياضي يجري تنفيذه، لمعرفة ما إذا كانت مختلف الوكالات المعنية قد اتخذت خطوات كافية لإنجازه في الآجال المحددة. وفي ضوء هذه التقارير ، تم في غشت الماضي إقالة إثنين من المسؤولين في اللجنة المنظمة للألعاب بقرار من وزير الرياضة الهندي، من بينهما نائب رئيس الهيئة المذكورة. على صعيد آخر كادت العراقيل القانونية والمالية التي واجهتها الهيئة المنظمة لألعاب الكومنولث أن تقوض جهودها للالتزام بدفتر التحملات، خاصة وأن تكلفة الدورة زادت، وفق تقرير مستقل، ب15 مرة عن التقديرات الرسمية الأولية، منذ أن فازت العاصمة الهندية بشرف احتضان هذه التظاهرة الرياضية قبل سبع سنوات. فبعد سلسلة من المعارك القضائية مع الجمعيات البيئية، قصد بناء قرية رياضية على عشرات الهكتارات من السهول المحاذية لنهر "يامونا" الذي يخترق العاصمة نيودلهي، والتي كان من نتائجها وقف العمل بالمشروع لعدة شهور، أتت الضائقة المالية لتقض مضجع المنظمين الذين توجسوا من تراجع السيولة وعدم استجابة سلطات دلهي لنداءاتهم المتكررة بالتعجيل بإخراج منحة مالية لإنقاذ الألعاب. وأوضح التقرير أن الهند قدرت في عام 2003 تكاليف احتضان هذه التظاهرة بنحو 420 مليون دولار، لكن بعد عدة مراجعات قام بها مكتب محاسبات مستقل، تبين أن التكلفة الحالية ارتفعت ب1575 في المائة لتصل إلى 6ر6 مليار دولار. واستند التقرير الذي أعده الرئيس السابق للمحكمة العليا في دلهي شاه إي بي، إلى وثائق حكومية ومساهمات خبراء في الميدان للكشف عن خروقات على جميع الأصعدة انطلاقا من "تطوير المشاريع غير المخطط لها بعناية وانتهاء بانتهاكات حقوق العمال في مواقع البناء الخاصة بألعاب الكومنولث". غير أن الحكومة الهندية أكدت أن هذه الزيادة في التكاليف أملتها ارتفاع تكاليف البنية التحتية وتكاليف حفلي الافتتاح والاختتام، وكذا رحلة شعلة الألعاب عبر دول العالم إلى جانب الايواء والمسائل اللوجستية. وخلص التقرير إلى أن الميزانية الأولية للألعاب أعدت "بدون تشخيص دقيق"، متوقعا أن تؤدي هذه الألعاب إلى "أزمة مالية حادة سيكون أول ضحاياها سكان العاصمة الهندية".