(بقلم : أمينة بلحسن) لم تكن الهدنة الصيفية كافية بالقدرالذي يجعلها تخفف من حدة التوتر، الذي بات يقطع أوصال الأغلبية الحكومية الإيطالية، والتي ما انفك زعماؤها يتراشقون اللوم والنقد، وهو الأمر الذي يجعل إمكانية تنظيم انتخابات مبكرة تلوح في الأفق . ورغم محاولة رئيس الوزراء الايطالي، سيلفيو برلوسكوني، التخفيف من حدة هذا التوتر بالتعبيرعن نيته، يوم السبت الفارط ، العدول عن برنامجه المثير للجدل المتعلق بإصلاح القضاء ، إلا أن الأمر لم يجد نفعا أمام موقف حليفه السابق ومنافسه الجديد جيانفرانكو فيني، الذي لم يثنه ذلك عن إعلان نهاية حزب "شعب الحرية" الذي أسسه وإياه. ولا غرو، فإن هذا التنازل كان بحجم وزن برلوسكني نفسه ، الذي قبله على مضض بسبب الظرفية السياسية المستعصية. وكان رئيس الحكومة الإيطالية قد سحب مشروعا مثيرا للجدل لإصلاح القضاء، مؤكدا في رسالة وجهها إلى أنصاره في حزب "شعب الحرية"، أنه "لن يكون هناك أي ذكر" لمشروع القانون حول" المحاكمة المختصرة" في الورقة التي ستخضع لامتحان ثقة البرلمان قريبا ، والتي تهم خمس نقاط تشمل القضاء، والضرائب، ودعم منطقة ميزوجيورنو (جنوب إيطاليا)، والأمن، ومحاربة الهجرة السرية . وفي حمأة الجدل، كان برلوسكوني قد أعرب عن "قناعته" بأن نواب حزب "شعب الحرية" ( الحزب الحاكم) سيوافقون على منح الثقة في البرلمان وبالتالي الحصول على الأغلبية . وهو ما لم يكن بالأمر الهين في بلد تتقاذفه التيارات السياسية، وسال فيه الكثيرمن حبر النقد اللاذع الذي وجهته المعارضة للمشروع بعد اعتباره "مفصلا على مقاس" برلوسكوني، وهو أحد أبرز الأسباب التي أدت الى الانفصال السياسي بين الأخير ورئيس مجلس النواب جانفرنكو فيني. وغير مكترث لتنازل برلوسكوني، جاء رد فيني حازما إذ أكد فيه أن "حزب شعب الحرية انتهى ولم يعد له وجود" ، وذلك في لقاء جمعه يوم الأحد الماضي، في ميرابيلو (شمال إيطايا)، بمناصريه في تيار (المستقبل والحرية لإيطاليا) الذي تأسس في نهاية يوليوز الماضي ب34 نائبا و10 سيناتورات. وانتقد فيني بشدة برلوسكوني، متهما إياه بعدم "احترام المؤسسات " ومشيرا إلى أن تياره سيمضي في موقفه قدما ، دون الذهاب إلى حد المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة . بل وأعرب عن دعمه لمسألة الثقة التي عرضها برلوسكوني على البرلمان قائلا في هذا الصدد: "إن فشل هذا المشروع فشل لنا جميعا" ، عارضا عليه في المقابل "ميثاقا" حتى لا تتعثر الولاية التشريعية قبل نهايتها عام 2013 . وكان الخلاف بين فيني وبرلوسكوني قد احتدم يوم 29 يوليوز الماضي، حينما أعلنت رئاسة حزب "شعب الحرية" إقصاء فيني "عمليا" لعدم وجود توافق في الرؤى السياسية بينهما، وتنافر المواقف لاسيما في ما يتعلق بالهجرة، والسياسة المالية، وإصلاح القضاء.