صدر مؤخرا عن منشورات (أفروديت ) بدار وليلي للطباعة بمراكش، كتاب للشاعر والناقد المغربي أحمد بلحاج آيت ورهام ، يحمل عنوان "أنساق التوازن الصوتي في شعر محمود درويش" مقاربة وصفية تأويلية. وقد أهدى الناقد هذا العمل الصادر في طبعة أنيقة من الحجم المتوسط إلى "بروميثيوس روح القصيدة العربية المعاصرة الشاعر الكبير محمود درويش في الذكرى السنوية الثانية لرحيله وإلى عشّ``اقه المتناسلين نورا وازدهاء في مَجَرّة إبداعه ". وفي تقديمه للكتاب إعتبر المؤلف أنه "في ظل الغياب، وضراوة الفقدان، ستبقى القراءة وَهْمًا يستحضر الذات، ويخطط للإمساك بالمحلوم به في شِبَاكٍ تنزف ضياءا. وأيًّا كان لونها فإنها ستظل أشبه بساحر يتأنق في تحويل الجحيم إلى سماء مرفوعة على غير عمد، وغرس نخيل النسيان فيها". إن شاعرا بحجم درويش -يضيف الكاتب-، لن تحيط به القراءات مهما اتسعت آلياتها وأدوات اشتغالها، لأنه "شاعر إشكالي إبداعا وحياة، ينفلت من الزمني إلى اللازمني، وشعره متجدد مع كل نبض، منفتح على اللانهائي الذي يسكننا ولا نراه، له صورة مضيئة في قلب كل قارئ، حتى إن صوره لتتعدّد بتعدد أمسياته الشعرية التي كان يجدد فيها الوجود بإنشاده الفريد المتفرّد، وبتعدد السياحة في مجرّته الشعرية". ويحاول الناقد في مؤلفه وضع مقاربة وصفية تأويلية للإجابة عن الطاقة الإنشادية السحرية التي تجذب الجمهور إلى مدارها، وكيف تناسجت مع بنية الخيال وتحولات الدلالة، وذلك من خلال رصد أنساق التوازن الصوتي في شعره وتحول الدلالة والتي تهم فضاء اللعبة الشعرية وتساوق الأنساق مع الدلالة والخيال. ويشير الكاتب إلى أن محمود درويش بحمولته الثقافية العربية والكونية قد اجترح في شعره من الإيقاعات والأنساق الصوتية إنشادا وكتابة ما لم تعرفه الشعرية العربية من قبل، وهو ما إعتبر من مؤشرات حداثته العالية. فهو شاعر "جمع جماليات الشعرية الكونية إيقاعا ولغة وتخييلا وأناقة وحيوية في بِلَّوْرِ الشعرية العربية المعاصرة، وذلك بحس المبدع الخلاق، وشفوفية المتوغل في اللانهائي، بفرس اللغة التي لم يتكلمها إلا هو، لأنها هي ذاته المشتعلة بين قطبي الموت والحياة". ويختم الكاتب مؤلفه بالإعراب عن أمله في أن ترضى روح الفقيد محمود درويش بهذه المقاربة التي "نقدمها صلاة دالة على غيابنا في حضرة حضوره المتلألئ حياة".