انطلقت، صباح اليوم الجمعة بالرباط، أشغال ندوة عربية تبحث النزاعات العربية البينية والداخلية وانعكاساتها على العمل العربي المشترك، فضلا عن أساليب تجديد النظام العربي الإقليمي. وتسلط الندوة التي تنظمها "مؤسسة الأبيض المتوسط الجديد" بتعاون مع مؤسسات جامعية ومعاهد مغربية للبحث العلمي والبرلمان العربي ،بدعم من مجلس مدينة الرباط والمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين،الضوء على أبعاد الأمن القومي العربي ودور التعاون الاقتصادي العربي، في أفق وضع استراتيجية فعالة لحل هذه النزاعات. ويقوم المشاركون في الندوة، بتشخيص حالة النزاعات العربية البينية والداخلية، من خلال دراسة تحديات الدولة الوطنية (حالة جنوب اليمن) والنزاعات حول الحدود وانعكاساتها على النظام العربي الإقليمي. كما تتناول الندوة المحددات التاريخية والجيوسياسية للأمن القومي العربي وعلاقته بالتحولات الدولية الراهنة وبالتحدي الصهيوني والأمن الدولي ، فضلا عن انعكاسات سباق التسلح بين الأقطار العربية على العمل العربي المشترك. من جهة أخرى، سيناقش اللقاء، غدا السبت، دور الاقتصاد في حل النزاعات العربية وواقع وآفاق التكامل الاقتصادي العربي وتكامل واندماج السياسات الاقتصادية العربية، إلى جانب تحديد ودراسة العناصر الفاعلة في رسم استراتيجية لحل هذه النزاعات، من خلال دور المجتمع المدني والإعلام وتدبير الاختلاف المجتمعي والحكم الذاتي كمدخل لفض النزاعات الإقليمية. واعتبر ممثل البرلمان العربي السيد الطيب المصباحي ، في افتتاح الندوة، أن الواقع العربي يتسم ب"فراغ قوة وفراغ إرادة" وعزا ذلك إلى مصادر داخلية ترتبط بهشاشة العالم العربي الذي زاد الاستعمار من جموده وتخلفه وكرس تبعيته وخضوعه للهيمنة السياسية والاقتصادية والفكرية التي وصلت اليوم لحد ضرب قيم المجتمع ومعتقداته . كما يعود هذا الوضع، حسب السيد المصباحي، لعوامل إقليمية ترتبط ب"الكيان الصهيوني" الذي يشكل تهديدا حقيقيا للأمن القومي وأخرى عالمية ذات علاقة بالأحادية القطبية الأمريكية التي أفرزت تدخلات عسكرية وسياسية واقتصادية في العالم العربي. من جهة أخرى، أكد السيد المصباحي أن أية استراتيجية للأمن القومي العربي يجب أن تقوم على ديمقراطية حقيقية وعلى جعل العمل العربي المشترك عملا مؤسسيا عقلانيا يخضع للحكامة والترشيد. من جانبه، أعرب رئيس "مؤسسة الأبيض المتوسط الجديد" السيد محمد السنوسي عن أمله في أن تتمخض هذه الندوة عن توصيات مرجعية من شأنها التأثير في تغيير واقع العالم العربي انطلاقا من تشخيص دقيق وشامل له، مؤكدا على الدور الهام الذي ينبغي للمجتمع المدني القيام به في إحداث هذا التغيير. وأضاف السيد السنوسي أن المؤسسة تعتمد في هذا الملتقى التفاعل كمنهج لاستشراف المستقبل بما يستجيب لتطلعات الإنسان العربي القادر وحده على تغيير الوضع العربي المتدهور على مختلف الواجهات بفعل النزاعات البينية والداخلية. ويشارك في الندوة عدد من الباحثين ورجال الفكر والخبراء والفعاليات المدنية والسياسية والاقتصادية من المغرب وبعض الأقطار العربية، فضلا عن عدد من الفاعلين الرسميين والوزراء والسفراء والبرلمانيين وممثلي منظمات دولية وأخرى غير حكومية مغربية وعربية. وتهدف "مؤسسة الأبيض المتوسط الجديد"، كمنظمة إقليمية غير حكومية، من خلال آليات عملها إلى الارتقاء بالعالم العربي لتبويئه موقعا رائدا وفعالا في بناء فضاء الأبيض المتوسط الجديد عبر إرساء تفاعل بناء بين الفاعلين الدوليين وفعاليات المجتمع المدني.