ناقشت هيئة الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، اليوم الأربعاء، موضوع "التشريع والتأطير القانوني وعلاقة السلطات العمومية ووسائل الإعلام" بحضور وزير العدل السيد محمد الناصري ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد خالد الناصري، وذلك في إطار سلسلة مناظراتها الموضوعاتية. وأثارت المداخلات مجموعة من المواضيع المتعلقة بالإطار القانوني المنظم لمهنة الصحافة ومدى ملاءمته للتحولات الإيجابية التي يعرفها المغرب على المستويين السياسي والحقوقي، وكذا المواجهات التي تظهر بين الفينة والأخرى بين السلطة والصحافة المكتوبة. وأكد السيد محمد الناصري أن تقنين وتهذيب مكانة دور وسائل الإعلام سيساهمان من دون شك في تجنب المواجهات بين الصحافة وباقي الأطراف، وليس بالضرورة مع القضاء، مؤكدا أنه "ليس كل متابعة لصحفي تعتبر مسا بحرية الصحافة". وسجل من جهة أخرى، تراجعا في عدد القضايا التي يتم تحريكها من قبل النيابة العامة، مشيرا إلى أن غالبية القضايا تتعلق بالسب والقذف في حق أشخاص، يبقى من حقهم اللجوء إلى القضاء. وأوضح وزير العدل أنه خلال سنة 2009 كانت هناك 98 قضية متعلقة بالصحافة 4 منها فقط أثارتها النيابة العامة. أما خلال السنة الجارية، يضيف السيد الناصري، فقد بلغ عدد القضايا المرتبطة بالصحافة، حسب السيد الناصري، 27 قضية. وقال إن قضايا الصحافة لها خصوصياتها وتتطلب إجراءات خاصة تجعل من غير الممكن إدراجها مع قضايا التلبس والقضايا الجنحية. وأبرز في هذا الصدد أن الوزارة قامت بتخصيص جلسات خاصة بقضايا الصحافة حتى تمر هذه القضايا "في ظروف جيدة "، مشيرا إلى بعض الصعوبات التي تواجه تقنين الصحافة المكتوبة على خلاف الوسائل السمعية البصرية المرتبطة بضرورة الحصول على رخصة والالتزام بدفاتر التحملات. وأبرز وزير العدل بالمناسبة أن الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع "مبادرة حضارية" جاءت في خضم التحولات الإيجابية التي يشهدها المغرب في مجال توسيع الحريات وإرساء الديمقراطية وتعزيز حرية الصحافة والإعلام السمعي البصري مؤكدا أن من سمات تطور المشهد الإعلامي الوطني ارتفاع عدد الجرائد والإذاعات الخاصة. أما السيد خالد الناصري، فيرى أن مشكل الصحافة في المغرب مرتبط بأخلاق ممارسة المهنة وليس بالإطار القانوني المنظم لها مجددا التأكيد على أنه لم تعد هناك اليوم رقابة على الصحافة ولا مواضيع يحرم تناولها. وقال، من جهة أخرى، إن توسع الممارسة الديمقراطية "يتم في غياب شبه تام للتأطير الأخلاقي" مؤكدا على ضرورة "تحكيم الأخلاق لإبعاد الإعلام من الانتهازية". وأعرب عن أمله في أن يكون الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع "فاتحة عهد جديد قوامه العمل المشترك وفق مجموعة من الضوابط". وذكر السيد خالد الناصري بجهود الحكومة من أجل النهوض بقطاع الصحافة مبرزا أهمية عقد البرنامج الذي وقعته الوزارة مع الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والذي يهدف إلى تحديث المقاولة الصحفية مشددا على أن الدعم العمومي للصحف "لا يخضع لأية اعتبارات أو معايير سياسية". وأشار إلى أن هناك إشكالا على مستوى الصحافة الإلكترونية على مستوى الإطار القانوني المنظم لها، مضيفا أن هذا الإشكال تعيشه جميع البلدان الديمقراطية. من جانبهم، أثار مهنيو القطاع ممثلين في الفدرالية المغربية لناشري الصحف والنقابة الوطنية للصحافة المغربية موضوع ارتفاع الغرامات، التي تقضي بها بعض المحاكم في حق عدد من المؤسسات الصحفية داعين إلى ملائمة هذه الغرامات مع الواقع المالي للمؤسسة الصحفية. كما أكدوا على ضرورة أن تمكن السلطات والمؤسسات العموميتين الصحفي من الوصول إلى الخبر. ويعتبر تقنين وتهذيب مكانة وسائل الإعلام في المجتمع المغربي، هدفا استراتيجيا للحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، خدمة لممارسة ديمقراطية لحرية التعبير وضمان مصداقية وتأثير قوي لوسائل الإعلام الوطنية في الرأي العام باعتبارها المنشط الشرعي والعصري للحياة الديمقراطية. كما يشكل تأطير حقوق وواجبات وسائل الإعلام ومهنييه، إحدى الأهداف المتخصصة لهذا الحوار، عبر ترسانة جديدة من التشريعات والتنظيمات، التي تكرس بشكل واضح وعصري الحريات والمبادئ الديمقراطية المرتبطة بممارسة هاته المهن بمختلف مكوناتها ومضامينها.