أصبح مشروع "ترامواي" العاصمة الاقتصادية الطموح للنقل الجماعي الذي تنظره الساكنة بشغف كبير ، في طريقه إلى التبلور وذلك منذ إعطاء انطلاقة أشغاله في 11 ماي من السنة الجارية ببعض شوارع المدينة. ويهم هذا المشروع الكبير في مرحلة أولى إنجاز أشغال تحويل الشبكات تحت أرضية المتعلقة بمجاري مياه الشرب والكهرباء والصرف الصحي والإنارة والاتصالات بالإضافة إلى الألياف البصرية والشبكات الخاصة.
وتشكل هذه الأشغال الأولية مرحلة أساسية في إنجاز الخط الأول، الذي يمتد على طول 30 كلم، إذ ستمكن من تحرير الفضاء لوضع الأجهزة والبنيات التحتية للترامواي بما يتيح التدخل بسهولة لإصلاح هذه الشبكات عند الضرورة.
+ وسائل اتصال مهمة لتحسيس السكان بطبيعة أشغال المشروع
فبعد مرور ستة أشهر عن انطلاق هذا الورش، قطعت أشغال تحويل الشبكات تحت أرضية أشواطا كبيرة خاصة بعد افتتاح أربع جبهات للأشغال تمتد على 11 كلم بأهم شوارع العاصمة الاقتصادية (عبد المومن، والشهداء والوداية، وباحماد وبانوراميك).
وحتى لا يفاجأ أو ينزعج سكان هذه الشوارع من انطلاق الأشغال، فإن (شركة نقل الدارالبيضاء)، وهي الجهة المكلفة بالإشراف على المشروع، اتبعت منذ الوهلة الأولى أسلوب الاتصال عن قرب فيما يخص إخبار السكان بطبيعة الأشغال ومدتها، إذ اعتمدت الملصقات وتوزيع الرسائل البريدية مع وضع خرائط المرور المناسبة بالتشاور مع مختلف السلطات المعنية (الولاية والجماعة الحضرية وشرطة المرور).
ومن المنتظر أن يتم الانتقال إلى المرحلة اللاحقة مع نهاية دجنبر الجاري ، حيث ستتضاعف وتيرة الأشغال بافتتاح أوراش أخرى ، على أن يتم الاشتغال على محاور جديدة تمتد على 15 كلم. وحسب الشركة المسؤولة ، فإن الانتهاء من هذه المرحلة سيكون في متم شهر مارس من سنة 2010 .
وتشير وتيرة سير الأشغال إلى أن الهدف المرسوم والمحدد لانطلاق الخط الأول، في دجنبر 2012 ، سيكون في آجاله المحددة ، إذ سيربط هذا الخط ، الذي يندرج في إطار الشبكة الشاملة المستقبلية للنقل الموحد، الأحياء الكبرى مثل سيدي مومن ومولاي رشيد والحي المحمدي والصخور السوداء ووسط المدينة ودرب غلف وبوسيجور والحي الحسني وسيدي معروف والكليات.
وأوضحت الشركة أن هذه الشبكة الشاملة، التي من المرتقب أن تضم ثلاثة خطوط أخرى للترامواي، وخط (إير أو إير)، ستساهم ، إلى جانب المشاريع المرتبطة بالنظافة وجودة النقل، في الحد من التلوث البيئي، فضلا عن كونها ستشجع العديد من مستعملي السيارات على استخدام وسائل النقل العمومية.
ويهدف هذا المخطط إلى تحفيز المواطنين على استخدام وسائل النقل الجماعية والتي كانت قد استقطبت سنة 2004 ما نسبته 13 بالمائة من سكان الدارالبيضاء . وإذا استمر الوضع على ما هو عليه ينتظر أن تتراجع هذه النسبة إلى 11 بالمائة سنة 2019 لفائدة مستخدمي وسائل النقل الشخصية . وهنا تبرز أهمية مخطط النقل الحضري الذي يتوخى الرفع من هذه النسبة إلى 21 بالمائة سنة 2019 إذا ما توفرت الإرادة الأكيدة لإنجاز الشبكة الشاملة للنقل وحرص جميع المتدخلين في قطاع النقل على مستوى المدينة على تنفيذ الوعود التي التزموا بها في هذا الإطار.
+ شبكة شاملة للنقل الحضري
ويظل النقل الجماعي عنصرا أساسيا لنجاح برنامج التنمية للعاصمة الاقتصادية للمملكة، كما يعد مصدر قلق كبير يومي لسكان هذه المدينة، مما يبرز الفائدة من إنجاز الخط الأول لترامواي الدارالبيضاء الذي تقدر طاقته الاستيعابية ب 250 ألف مستعمل يوميا ، وهو تقدير معقول بالنظر إلى أن عدد أجزاء السكة يبلغ 37 جزء بطول 65 مترا.
وفيما يتعلق بالخدمات التي تهم على الخصوص مستعملي الترامواي، فالتوقيت، سيبتدئ ما بين الاثنين والجمعة، من الساعة الخامسة إلى منتصف الليل ، أما يومي السبت والأحد فيستمر إلى غاية الواحدة بعد منتصف الليل.
وتستغرق المسافة الرابطة بين نقطتي الانطلاق والوصول ، التي تتضمن 49 محطة، 50 دقيقة ، انطلاقا من سيدي مومن ومرورا بحي درب غلف في اتجاه المحطة النهائية بالكليات (طريق الجديدة) والمحطة الأخرى النهائية بالحي الحسني.
ويمر ترامواي الدارالبيضاء بانطلاقه من سيدي مومن حسب الطريق المرسوم له في اتجاه الحي المحمدي مرورا بحي محطة (الدارالبيضاء المسافرين) ثم أحياء (أر ديكو) ودرب غلف ليغير الاتجاه إلى وجهتين الأولى حي باشكو وسيدي معروف وحي الكليات ، فيما تشمل الوجهة الثانية الدارالبيضاء آنفا والحي الحسني.
وعلى مستوى شركة (نقل الدارالبيضاء) ، سيتم التركيز على مدى مساهمة هذا المشروع في التهيئة الحضرية للدار البيضاء ، حيث إنه سيتم الاستفادة من 90 هكتارا في التهيئة و30 كلم لتحسين الواجهة الحضرية إضافة إلى الحزام الأخضر على امتداد ممر الترامواي مع إعادة التأهيل الحضري للمركز والتاريخي للحاضرة الذي يندمج بكيفية جيدة في التصميم المديري الجديد للتهيئة الحضرية للدار البيضاء.
وينضاف إلى ذلك مساهمة المشروع في تحسين البيئة خاصة وأن الدراسات أثبتت أن الترامواي هو أقل 15 مرة في ما يخص نسب التلوث من السيارات. لذلك فإن المشروع يراهن على تقليص التلوث الهوائي إذ أن هذه الوسيلة تعد الأقل تسببا في الضوضاء والتلوث وتستهلك طاقة نظيفة، مما سيساهم في وجود بيئة سليمة وصحية سيكون لها تأثيرها على جودة عيش سكان العاصمة الاقتصادية للمملكة.