تلاحق السلطات الإسرائيلية صحفياً إسرائيلياً فر إلى بريطانيا وبحوزته وثائق عن برنامجها في اغتيال فلسطينيين وصفت بأنها "سرية للغاية"، وقد حصل عليها من مجندة سابقة في الجيش وجه إليها اتهام رسمي من النيابة بالتخابر ومحاولة المس بأمن الدولة، الأمر الذي قد تصل عقوبته إلى السجن المؤبد. وقالت الجندية إنها تصرفت بتلك الطريقة وحصلت على الوثائق بدوافع أيديولوجية. في حين قال مسؤولون إسرائيليون إنهم لن يدّخروا جهداً من أجل إعادة الصحفي لإسرائيل، بعد أن فر وبحوزته نحو ألفي ملف، سرقتها جندية إسرائيلية من مكتب ضابط كبير، أثناء خدمتها العسكرية وقدمتها له. وتعود تفاصيل القضية، التي تشغل الرأي العام لعدة شهور مضت، بعد اعتقال المجندة السابقة، وتدعى عنات كام، بتهمة سرقة وثائق مصنفة على أنها سرية للغاية خلال فترة تجنيدها في الجيش في الفترة من 2005 إلى 2007، والتي عملت فيها سكرتيرة لدى قائد المنطقة العسكرية الوسطى يائير نافيه، آنذاك، والتي تشمل الضفة الغربية. وتخص الوثائق عتاداً وأسلحة ووسائل أخرى يستخدمها الجيش. ونقلت عنات، التي عملت بعد خدمتها العسكرية لصالح موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي، معظم تلك الوثائق للصحفي أوري بلاو الذي يعمل في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية والذي نشر سلسلة من المقالات تناول فيها الوسائل التي يعتمدها الجيش. وقد سمحت الرقابة الإسرائيلية، في مرحلة أولى، بنشر مقالات بلاو، قبل أن تمنع صدور مقالات أخرى تتعلق بهجوم الجيش على قطاع غزة بين دجنبر ويناير 2009، حسب إذاعة الجيش. وتشير إحدى هذه المقالات إلى أن القوات العسكرية تلقت تعليمات باغتيال ناشطين فلسطينيين من الجهاد الإسلامي رغم إمكانية توقيفهم، في تناقض مع قرار صادر عن المحكمة العليا. وترجح جهات إسرائيلية أن إعادة الصحفي لن تكون سهلة، خصوصاً في ظل أزمة العلاقات مع بريطانيا، والتي وصلت إلى حد طرد بريطانيا دبلوماسياً إسرائيلياً، في الآونة الأخيرة، بعد قضية الجوازات المزورة التي استخدمها إسرائيليون لدخول دبي وقتل القيادي في حماس محمود المبحوح. وحسب لائحة الاتهام التي قدمتها النيابة العامة الإسرائيلية، فإن الجندية السابقة "عنات كم" قدمت مستندات سرية للصحفي بلاو الذي يعمل في في جريدة "هآريتس"، استند إليها في إعداد تقارير صحفية. وبلاو يقيم في بريطانيا، منذ عدة أشهر، وتفاوض خلالها مع جهاز الأمن العام في إسرائيل (الشاباك)، ومع النيابة العامة، من أجل إعادة المستندات التي بحوزته. وحسب إدعاء الشاباك فقد تم التوصل إلى صيغة تفاهم، حتى أن بلاو قام بتسليم حاسوبه الشخصي لإتلافه، لكنه لم يقم بتسليم كل المستندات التي حصل عليها من الجندية. أما محامي بلاو فوصف توجهات الشاباك بأنها "متطرفة وتتناقض مع كل ما من شأنه أن يوفر أرضية لعمل صحفي حر وغير مقيد في مجتمع ديمقراطي". وفي مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، قال رئيس التحرير في "هآرتس" عاموس شوكن إن صحيفته تفضل "تجنب توقيفه"، مضيفا أن بلاو "يفاوض الشين بيت من الخارج حول ظروف عودته إلى إسرائيل". وحاول المستشار القانوني السابق للحكومة مناحيم معزوز بلا جدوى التوصل إلى اتفاق يعيد بموجبه بلاو الوثائق السرية التي يملكها، وفق ما أعلنته الإذاعة العامة. وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عبر موقعها على الإنترنت، أن النيابة الإسرائيلية امتنعت عن الإفصاح عن الخطوات التي تنوي اتخاذها من أجل إعادة الصحفي إلى إسرائيل للتحقيق معه، لكن الأمور قد تصل إلى حد مطالبة بريطانيا بتسليمه لها. لكن مع هذا، ترى المحامية دفورا حين، التي شغلت في السابق منصب مدير القسم الأمني في النيابة الإسرائيلية، أن المسألة ليست هينة وتنطوي على الكثير من المشاكل والصعوبات. وفي النيابة و"الشاباك"، قالوا إن المستندات التي يشتبه أنها بحيازة بلاو، تتضمن خططاً عسكرية إسرائيلية، جزء منها لم ينفّذ بعد، وملخصات لاجتماعات أمنية، ومعلومات عن الجيش وتدريباته وأسلحته وغيرها. وقال رئيس الشاباك يوفال ديسكين، إن كل تنظيم استخباراتي كان يحلم بالحصول على مثل هذه المعلومات التي تحتويها المستندات، مضيفاً أن "وصول هذه المستندات أو حتى بعضها لأيدي الأعداء ولأجهزة استخبارات أجنبية، يمكن أن يؤدي إلى ضرر أمني كبير وتشكيل خطر فعلي على الجنود الإسرائيليين وعلى المواطنين في إسرائيل".