مرة أخرى يواجه المغرب تقريرا اقتصاديا وماليا دوليا يكشف تراجعه في المراتب الدولية على صعيد الشفافية والوضوح في الإجراءات القانونية لتدبير المال العام. فقد أطلق تقرير مركز الشراكة الدولية للميزانية بخصوص 2008 النار على المغرب حين صنفه في رتب متدنية جعلته لا يحقق سوى نسبة 27 بالمائة على سلم الشفافية في تقديم الميزانية العامة. وأكد تقرير المركز الذي يوجد مقره بواشنطن، والذي شمل أكثر من تسعين دولة أن المغرب لا يقدم سوى حدا أدنى من المعطيات والمعلومات بخصوص ماليته وهو ما يحد من قدرة المواطنين على ضبط مسؤولية الحكومة في تدبيرها للمال العام. ولم يحقق المغرب حسب التقرير الجديد سوى 27 بالمائة في كمية ونوع المعلومات التي تقدمها الحكومة للعموم في الوثائق المالية الأساسية. وأضاف التقرير أن المواطنين المغاربة ليست لهم صورة كاملة للمشاريع المالية المتعلقة بالضريبة والنفقات على طول السنة المالية. كما رصد التقرير صعوبة تقييم أداء الميزانية بعد انقضاء السنة المالية، حيث «تتم صياغة تقرير لنهاية السنة المالية، لكنه لا يتضمن سوى النفقات المسموح بها، ولا يمكن بالتالي من صياغة مقارنات مفصلة بين ما كان مقررا في الميزانية وما تم فعلا تنفيذه وجبايته». كما شدد التقرير على أن المغرب لا ينشر تقارير الافتحاص العمومية ولا يقدم أي معلومات متعلقة بتنفيذ توصيات تقارير الافتحاص. ونبه التقرير إلى أن الولوج إلى المعلومات المالية المفصلة، الذي يعتبر ضروريا لفهم تقدم الحكومة في إنجاز مشروع أو أي نشاط خاص، جد محدود، مشيرا إلى أن المغرب لم يقنن الحق في الولوج إلى المعلومة. ونبه التقرير إلى محدودية استقلالية المجلس الأعلى للحسابات «حيث يمكن إعفاء رئيس المجلس من مهامه من طرف السلطة التنفيذية»، مضيفا أن المجلس الأعلى للحسابات لا يتوفر على سلطات تقريرية فيما يخص تحديد الافتحاصات اللازمة ولا يتوفر على ميزانية كافية لتنفيذ مهامه. وأوصى التقرير بتحسين الولوج إلى وثائق الميزانيات الأساسية من خلال منح الفرصة لمشاركة المواطنين في مناقشت الميزانيات مذكرا في هذا الإطار بأن السلطة التشريعية في المغرب لا تنظم جلسات استماع حول الميزانية يمكن أن يشارك فيها العموم. وربط التقرير بين الشفافية في الميزانية والتبيعة للمساعدات حيث صنف المغرب ضمن 45 دولة التي ترتبط ارتباطا ضعيفا بالمساعدات بنسبة حددها في 5 بالمائة من الناتج الإجمالي الخام. وينقط مؤشر الميزانية الذي يصيغه التقرير الدول من صفر إلى مائة بالاستناد إلى استمارة أسئلة تنصب على تعميم وثائق الميزانية الثمانية الأساسية مع تركيز أكثر على مشروع قانون المالية. وفي حال حصول البلد على نقطة تتراوح ما بين 81 و100 فإن ذلك يعني أنه يقدم معلومات مستفيضة في وثائق الميزانية، بينما تصنف الدول التي تحصل على نقطة تتراوح ما بين 61 و80 في خانة الدول التي تقدم معلومات دالة، أما الدول التي تحصل على نقطة تتراوح ما بين 41 و60 فهي تقدم بعض المعلومات في حين أن الدول التي تحصل على نقطة تتراوح ما بين 21 و40 فهي توفر الحد الأدنى من المعلومات وهي الفئة التي أدرج فيها المغرب.